131

Adab Syarie

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Penerbit

عالم الكتب

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Tasawuf
[فَصْلٌ فِي سُرُورِ الْإِنْسَانِ بِمَعْرِفَةِ طَاعَتِهِ وَالْعُجْبِ وَالرِّيَاءِ وَالْغُرُورِ بِهَا] إذَا سُرَّ الْإِنْسَانُ بِمَعْرِفَةِ طَاعَتِهِ هَلْ هُوَ مَذْمُومٌ؟ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إنْ كَانَ قَصْدُهُ إخْفَاءَ الطَّاعَةِ وَالْإِخْلَاصَ لِلَّهِ ﷿ وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَطْلَعَ عَلَيْهِ الْخَلْقَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَهُمْ وَأَظْهَرَ الْجَمِيلَ مِنْ أَحْوَالِهِ فَسُرَّ بِحُسْنِ صَنِيعِ اللَّهِ ﷿ وَنَظَرِهِ لَهُ وَلُطْفِهِ بِهِ حَيْثُ كَانَ يَسْتُرُ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ فَأَظْهَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّاعَةَ وَسَتَرَ الْمَعْصِيَةَ فَيَكُونُ فَرَحُهُ بِذَلِكَ لَا بِحَمْدِ النَّاسِ، وَقِيَامِ الْمَنْزِلَةِ فِي قُلُوبِهِمْ أَوْ يَسْتَدِلُّ بِإِظْهَارِ اللَّهِ الْجَمِيلَ وَسَتْرِ الْقَبِيحَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ قَدْ جَاءَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ فَرَحُهُ بِإِطْلَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ لِقِيَامِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَمْدَحُوهُ وَيُعَظِّمُوهُ وَيَقْضُوا حَوَائِجَهُ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَذْمُومٌ. فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ فَيَسُرُّهُ فَإِذَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ أَعْجَبَهُ؟ فَقَالَ لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ» فَالْجَوَابُ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ بِأَنْ يُعْجِبَهُ ثَنَاءُ النَّاسِ عَلَيْهِ بِالْخَيْرِ لِقَوْلِهِ ﵇: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قِيلَ «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ فَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» فَأَمَّا إذَا أَعْجَبَهُ لِيَعْلَمَ النَّاسُ مِنْهُ الْخَيْرَ وَيُكْرِمُونَهُ عَلَيْهِ فَهَذَا رِيَاءٌ. وَوُجُودُ الرِّيَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغَ مِنْ الْعِبَادَةِ لَا يُحْبِطُهَا لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ عَلَى نَعْتِ الْإِخْلَاصِ فَلَا يَنْعَطِفُ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَتَكَلَّفْ هُوَ إظْهَارَهُ وَالتَّحَدُّثَ بِهِ، فَأَمَّا إنْ تَحَدَّثَ بِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَأَظْهَرَهُ فَهَذَا مَخُوفٌ، وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَقْتَ مُبَاشَرَةِ الْعَمَلِ نَوْعُ رِيَاءٍ فَإِنْ سَلِمَ مِنْ الرِّيَاءِ نَقَصَ أَجْرُهُ، فَإِنَّ

1 / 132