Abu Hanifa dan Nilai Kemanusiaan dalam Mazhabnya
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Genre-genre
وعن ورعه وخشيته الله تعالى، فلاحظ أولا أن الأصول التي لا بد للفقيه من الرجوع إليها معروفة؛ ومن هذه الأصول اثنان نقليان؛ وهما: الكتاب والسنة. ومع هذا لا بد للفقيه من استعمال عقله غاية الجهد، ليصح له أن يوصف بأنه فقيه من أهل الاجتهاد.
ثم هناك مسائل - وما أكثرها - تحير الفقيه في إيجاد حلول فقهية لها، ومن ثم، فهو في حاجة ماسة إلى عون الله وحسن توفيقه للحق.
ومما يجعل الإنسان حريا بهذا العون الإلهي، أن يكون قلبه عامرا بالله وخشيته وتقواه، بعيدا كل البعد عن المعاصي ومظانها، مراقبا لله في سره وعلنه؛ أي أن يكون ورعا؛ فإن القلب متى كان فارغا من الاشتغال بما لا ينبغي، كان مستعدا لقبول فيض الله وعلمه كما يقول المتصوفة؛ ولهذا نراهم يجعلون ذلك طريقا للوصول للمعرفة والعلم الحقيقيين.
وقد كان أبو حنيفة وافر الحظ من ذلك كله، حتى لو بالغنا في الحذر من إفراط أصحاب المناقب وأمثالهم؛ فإن المؤرخين يكادون يتفقون على أنه كان حسن الليل يقطعه بالصلاة وقراءة القرآن، حتى ليقول يحيى بن أيوب الزاهد: كان أبو حنيفة لا ينام الليل. كما يقول عنه أبو الجويرية: لقد صحبته أشهرا فما منها ليلة وضع فيها جنبه: وبلغ من خوفه لله تعالى وخشيته له أنه قام ليلة بهذه الآية:
بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر
يرددها ويبكي ويتضرع؛ ولهذا يقول عبد الله بن المبارك: «ما رأيت أحدا أورع من أبي حنيفة، وقد جرب بالسياط والأموال.»
وقدمنا أنه حين باع شريك له متاعا، ولم يبين للمشتري عيب ثوب معين منه نسيانا، ثم لم يعلم بعد لمن باعه، تصدق بالثمن كله، حتى لا يدخل شيء فيه شبهة في ذمته.
ونكتفي في ورع أبي حنيفة بهذه النقول؛ ففيها كفاية للتدليل على ما أجمعوا عليه من ورعه وخشيته لله تعالى؛ الأمر الذي لا بد منه للتفرغ للعلم في إخلاص، كما لا بد منه ليكون المرء أهلا لفيض الله تعالى وزيادته من علمه.
27
أما عن صلابته في الحق، أو فيما يرى أنه حق، فنرى هذا الخلق ينبع أيضا من العلم الحق الذي تحقق به الإمام، فالعالم الذي يطلب الحق لذاته. يرى نفسه سعيدا متى هدي إليه، ومن هنا يستمسك به استمساكا شديدا، ولا يبالي في ذلك غضب السلطان وأصحاب السلطان، ويتحمل في هذا السبيل كل ما يلقى من عنت وأذى وبلاء؛ لأنه يؤثر رضا الله عنه في كل ما يأتي ويذر.
Halaman tidak diketahui