Abu Hanifa dan Nilai Kemanusiaan dalam Mazhabnya
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Genre-genre
وهنا يقول أبو حنيفة: فكنت أسمع مسائله فأحفظ قوله، ثم يعيدها من الغد فأحفظها ويخطئ أصحابه، فقال: لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة. ثم تكلم بعد ذلك عن ملازمته لحماد حتى مات، وإن نازعته نفسه حينا لاعتزاله والاستقلال بحلقة لنفسه.
13
هكذا يروي أولئك المؤرخون. ونحن إن استطعنا أن نصدق هذا النقل الثاني، فإننا لا نستطيع أن نؤمن لما رووه أولا على النحو الذي نقلوه؛ وهذا لأمور تحيك في النفس وتقف دون اليقين به.
فإنه من المستبعد أن يكون أبو حنيفة نفعيا إلى هذه الدرجة، فيرفض الاشتغال بغير الفقه، كالقرآن والحديث والنحو؛ لأنه لا جدوى تعود عليه منها، ولأن لبعضها مغبة يخشاها كذهاب رياسته إن اشتغل بالقرآن وحفظه وخرج من تلاميذه من يفوقه في الحفظ أو يساويه فيه، مع أنهم قد أجمعوا على تقواه وورعه وزهده وانصرافه عن الرياسات.
ثم نراه يقرر في هذا الحديث الانصراف عن النحو وعلم الكلام، مع أنه قد اشتغل بالأول ولم يصرفه عنه - كما روينا في نقل سابق - إلا أنه لم ير القياس جائزا فيه، كما اشتغل بعلم الكلام حتى صار من أعلامه، وحتى بلغ فيه مبلغا يشار إليه فيه بالأصابع.
وبعد هذا وذاك، نرى أن ذلك الحديث الأول يفترض أن أبا حنيفة كان عنده استعداد لكل هذه العلوم حتى أخذ يختار لنفسه منها حتى الشعر، مع أنه لم يؤثر عنه مطلقا شيء منه مهما كان قليلا؛ والمعروف أن من كان شاعرا بطبعه واستعداده لا بد أن يقرض شيئا من الشعر مهما كانت حرفته، ومهما كان العلم الذي أخذ نفسه به.
نزعته الفقهية وشيوخه
عرف أبو حنيفة فيما بعد بأنه «إمام أهل الرأي» لكثرة اجتهاده وعمله بالقياس فيما لا نص ثابتا لديه فيه، ونعتقد أن هذه النزعة كانت أصيلة فيه؛ فقد رأيناه ينصرف، كما يقولون، عن الاشتغال بالنحو لما رآه من أن القياس لا يجري فيه.
ولذلك نراه يلازم من بين شيوخ الفقهاء الذين أخذ عنهم حماد بن أبي سليمان الذي انتهت إليه في عصره رياسة الفقه في العراق، وقد تلقى هذا فقهه عن إبراهيم النخعي، وكلاهما من مشيخة فقهاء الرأي في مقابل فقهاء الحديث والأثر.
وإن الذي يتصفح ما كتبه تلاميذ أبي حنيفة المباشرون. يرى أن الواحد يذكر رأي الإمام في المسائل التي يتناولها، وأنه يذكر مع ذلك شيوخه الذين أخذ عنهم، وكثيرا جدا ما يكون هؤلاء هم: حماد بن أبي سليمان، ثم شيخه إبراهيم النخعي اللذين ذكرناهما آنفا، واللذين يذكرهما محمد بن الحسن الشيباني في كتابه «الآثار» مثلا.
Halaman tidak diketahui