ففي رواية الزهري زيادات هامة ليست في هذه الرواية، ولا يبعد أن مالك بن أوس أسر إلى الزهري بذرته، لثقته به أنه يتقبلها منه، وأسرها كذلك إلى عكرمة، ولم يجرؤ على روايتها لغيرهما ممن يخشى منه أن يزجره عن الكذب على العباس وعلى عمر، فلم يروها عنه غيرهما.
واعلم أن عكرمة بن خالد مظنة النصب، فهو متهم في هذه الرواية، ولا يبعد أنه ساعد الزهري أو ساعده الزهري، وزاد، فإن عكرمة هو عكرمة بن خالد بن العاص بن أبي جهل.
وكذلك الراوي عنه أيوب: بصري بالغ القوم في مدحه، عكس عادتهم في الشيعة، وروى ابن حجر في ترجمته في (تهذيب التهذيب) عن حماد بن زيد: كان أيوب عندي أفضل من جالسته وأشده اتباعا للسنة، ومن معنى هذا أنه كان عثمانيا.
وذكر في (تهذيب التهذيب) في ترجمة حماد بن زيد: إنه كان عثمانيا.
هذا، ولنفرض أن رواية أيوب عن عكرمة متابعة للزهري فيما اشتركا فيهن فإنه لا يصح أن تكون متابعة فيما اختصت به رواية الزهري، فالانتقاد الذي ذكرناه أولا وثانيا وثالثا كله مستقيم في رواية الزهري بخصوصها وطولها وعرضها.
ونزيد فيما يخصها فنقول:
رابعا: إن عمر لا يحتاج إلى مناشدة عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؛ لأنه لا يخشى منهم كتمان الحديث الذي سألهم عنه، إن كانوا علموه، وكان يكفي أن يقول: ألم تعلموا، أو نحو ذلك. وخصوصا إذا كان الحديث ظاهرا من عهد أبي بكر قد جرى مجرى العمل به والاحتجاج من عهد أبي بكر، كما يزعم القوم، فلا يتوقع كتمانه من عثمان ومن معه، فلا حاجة إلى مناشدتهم، وذلك من قرائن كذب الرواية.
خامسا: لو كان المذكورون يروون الحديث هذا لنقل عنهم على الأقل مجرد الحديث دون القصة بأن يكونوا قد رووه قبلها أو بعدها لحدوث سبب الرواية في عهد أبي بكر ثم في عهد عمر، فإن ذلك يستدعي ذكر الحديث.
पृष्ठ 16