क्रांतिकारी नेता अहमद उराबी
الزعيم الثائر أحمد عرابي
शैलियों
ولا أزيدكم علما أن الوطن العزيز محتاج إلى الإصلاح والتنظيم، قابل للتقدم والعمران جامع لأسباب المنافع الكلية، فما عليكم إلا السعي والاجتهاد لنوال المراد، ولكنكم لا تجهلون أن علينا حقوقا واجبة الحفظ، وذمما لازمة الرعاية، وأنا قد أمرنا شرعا بحفظ العهود ورعي الذمم، فمن تلك العهود شدة الارتباط وصلة التابعية للدولة العلية، التي هي مركز قوتنا ومرجع سطوتنا، وقد عرفنا منها العناية وعرفت منا الإخلاص، فلا بد من ثباتنا على هذه الحال بالنظر إليها، ولا شك أن تقدمنا واستقامة أمورنا وتأييد أمر الشورى فينا يسر هذه الدولة العلية، لما ينشأ لنا عنه من القوة التي تكون جزءا من قوتها الكلية، ومن الذمم والمواثيق علاقتنا المالية والتجارية مع الدول العظمى، فهذه الذمم واجبة الرعاية لما يترتب على حفظها من استحكام صلات المودة بيننا وبين هاتيك الدول، التي ينبغي لنا الاعتقاد برغبتها في انتظام أمورنا، وميلها إلى كل ما يعود علينا بالنفع كما صرح بذلك عظماء رجالها على منابر المجالس النيابية وفي المنشورات الرسمية.
فإذا حفظنا تلك العهود ورعينا هذه الذمم، وعرفنا حقوق الوطن علينا ولم نذهل عن شيء من الواجبات، لزمنا الأخذ بأسباب الحكمة والثبات للنظر فيما يجلب لنا النفع، ويدرأ عنا الضرر ويثبت للناس جدارتنا بما وصلنا إليه، ويحقق بنا ظن أبناء الوطن الذين جعلونا موضع ثقتهم واعتمادهم.
فوجهوا إخواني همتكم في السعي بالحكمة والاعتدال والتبصر والثبات ... فمن جد وجد، ومن سار على الدرب وصل.
ثم ألقى سليمان باشا أباظة نائب الشرقية الخطبة الآتية:
سعادة الرئيس، الحمد لله على سوابغ آلائه ونوابغ نعمائه. وبعد، فقد أبان رئيس مجلسنا الهمام ما تضمنته المقالة الخديوية الكريمة من حسن القصد وصفاء النية والميل إلى المصلحة الوطنية، وأوضح بعد ذلك حق الوطن علينا وواجباتنا بالنظر إلى العهود الواجبة الحفظ والذمم اللازمة الرعاية، وهذا موقف، الشكر له والثناء عليه، أقوم فيه أصيلا عن نفسي ونائبا عن سائر إخواني النواب ... فيا سعادة الرئيس الهمام، لقد علمت وأنت أولنا أن ليس منا من قبل النيابة على علم بعظم واجباتنا الوطنية والسياسية، إلا وفي عزمه أداء حق الوطن وحفظ العهود المرعية وخدمة الأمة بما يجلب لها النفع ويدرأ عنها الضر ... ويا إخواني، لقد علمتم أن الأنظار محدقة إلينا والأفكار محومة علينا، وأن الوطن العزيز محتاج إلى الإصلاح كما قال سعادة الرئيس، فلندخل الإصلاح من بابه، ونأخذ فيه بأسبابه، لا ننظر إلا إلى المصلحة العمومية، ولا نهتم إلا بالمنفعة الوطنية، وقد حصل لنا اليقين بأن يد الجناب المعظم منبسطة لمساعدتنا، وعناية رجال حكومته متوجهة إلى تأييد مجلسنا، وأن الأمة تتوقع منا الاجتهاد في سبيل الحكمة والسداد ...
فما أجدرنا بتحقيق الآمال، وما أحقنا بالسعي فيما يصلح به الحال ويحسن الآمال، وقد آن الشروع في العمل، فلنقبل عليه بنفوس راضية، وقلوب صافية، وأفكار متوجهة إلى حقوق الوطن، ونيات معقودة على أداء الواجبات، والله ولي توفيقنا عليه توكلنا وإليه ننيب.
كان افتتاح المجلس بمثابة عيد قومي عام ... تجلت فيه مظاهر الابتهاج والغبطة والسرور العظيم، فوفد على العاصمة في ذلك اليوم كثير من الزائرين من مختلف المديريات لمشاهدة حفلة الافتتاح، وأقيمت الولائم والحفلات في القاهرة والإسكندرية ابتهاجا بافتتاح المجلس الجديد، واشترك فيها كثير من النواب والأعيان والموظفين وطبقات الشعب كافة، وعبرت الصحف أصدق تعبير عن شعور الرأي العام نحو هذا الحادث الهام في حياة مصر القومية.
وقد اجتمع المجلس يوم افتتاحه وانتخب من بين أعضائه لجنة عهد إليها تحضير الجواب على خطاب العرش وتقديمه إلى الخديو، وهذه اللجنة مؤلفة من عشرة أعضاء من النواب البارزين وهم: أحمد بك الشريف، عبد السلام بك المويلحي، محمد بك الشواربي، أمين بك الشمسي، وهلال بك منير، محمود بك سليمان، أحمد بك علي، مراد أفندي السعودي، إسماعيل أفندي سليمان، علي بك شعير. •••
وقد أعدت اللجنة الجواب وأقره المجلس، وفي يوم الخميس 29 ديسمبر سنة 1881، ذهب سلطان باشا رئيس المجلس ومعه عبد الله باشا فكري كبير الكتاب، وأعضاء اللجنة العشرة إلى سراي الإسماعيلية بملابسهم الرسمية؛ لتقديم جواب المجلس على خطاب العرش، فقابلهم الخديو بحضور الوزراء، وتلا محمود بك سليمان الجواب، وهذا نصه:
بعد حمد الله تعالى على توفيقه ورشاده، والصلاة والتسليم على من اصطفى من عباده، نقوم لدى هذه السدة الخديوية الكريمة، نحن معاشر نواب الأمة المصرية مقام النيابة عن جميعها، في تقديم واجب الشكر لهذا الجناب الخديوي الفخيم على انعطاف عواطفه نحو مجلس الشورى النيابية، الذي افتتحه بنطقه الشريف؛ إظهارا لمقصده الجليل من حيز القول إلى عالم الفعل، وإجابة لرغبة الأمة ونظرا للمصلحة العامة ... بعد أن زالت العوائق دونه وامتنعت الموانع بيننا وبينه، بجلائل هممه الخديوية التي ذللت لها صعاب المسائل، وخضعت دونها رقاب المشاكل، حتى صفا الوقت واطمأنت الحال، «ودنى المنى وانقادت الآمال»، ولقد شنف أسماعنا وأنعش أرواحنا ذلك النطق الكريم ، وملك أفئدتنا وملأها سرورا وطربا بما تضمن من الإفصاح عما عرفناه لولي النعمة، وألفناه من نزاهة النية ونبالة القصد، حتى لقد نطقت السرائر بما بدا على قسمات الوجوه من سمات السرور، فلم تدع للألسنة من حاجة للتعبير عن فرط محبة عظيمة من أمة كريمة لمولى متفضل عليها متحبب إليها، محب لحريتها مشغوف بخيرها ومنفعتها.
अज्ञात पृष्ठ