والثالث: أن تستحيل الكثرة فيه لقيام الدلالة عليه لأنفس مفهومة، وذلك نحو الإله جل وعز، والثلاثة كلية؛ لأن جميعها وضع للماهية التي يعقل فيها الكثرة بالنظر إلى مفهومها، فإن امتنع فلدلالة خارجة، والكلي الذي وقعت الشركة في مسماه ما يخلوا إما أن يفيد فائدة واحدة متفقة في جميع المسميات من كل وجه، أو يفيد فائدة واحدة؛ لكنها تختلف في المسميات من بعض الوجوه فإن اتفقت من كل وجه فهي المتواطية، وذلك نحو إنسان، وحيوان فإنه يفيد الإنسانية، والحيوانية، وهي متفقة في جميع الحيوانات، وفي كل إنسان [37ب] فإن الإنسانية في معناها متفقة في زيد وعمرو وخالد، وإن اختلفوا في الطول والقصر، والشجاعه والخير، وغير ذلك، فهذا اختلاف في أمر زائد على الإنسانية لا في نفس الإنسانية، وكذلك الحيوانية معناها واحد في الإنسان، والفرس والسبع، ولا اختلاف بينهما من حيث الحيوانية، وإنما اختلاف في أمور خارجة عن الحيوانية.
وإن اختلفت الفائدة من وجه ما إما بالتقديم والتأخير، أو بالأولى والأحرى، أو بالأشد والأنقض فهذه المشككة، وليست متواطية، ولا مشتركة، ولكنها بينهما؛ لأن المتواطية متفقة من كل وجه، والمشتركة مختلفة من كل وجه، والمشككة متفقة من وجه، ومختلفة من وجه، فانتهت هذه فسميت مشككة.
وذلك نحو الوجود فإنه يفيد في الموجودات جميعها فائدة واحدة؛ ولكنها يدخلها الإختلاف بالأولى والأخرى، والتقديم والتأخير، والأشد والأنقض.
فالذي بالأولى نحو وجوب واجب الوجود من دأبه وهو القديم تعالى، فإنه أولى باسم الوجود مما يكون جائز الوجود نحو المجديات، والذي يكون بالقديم والتأخير وجود الجسم وجود الغرض فإنه للجسم.
قيل: ماهو للغرض وله خط المرتبة عليه؛ لأنه مخله والغرض تابع له في ذلك، وليس الغرض قبلته الزمان، ولكن التقدم الذهني في الرتبة.
पृष्ठ 65