الوجه الثالث: أنا نبين الفرق بين الشاهد والغائب فيما عارضونا، وإن كان لا يلزمنا فنقول: إن ما وجب في القادر العالم في الشاهد أن يكون جسما من حيث قادر بقدرة وعالم بعلم، وهما معنيان لا يصح وجودهما إلا في محل مخصوص مبني ببنية مخصوصة من لحمية ودمية، وذلك لا يصح إلا في جسم، وهذا غير حاصل في الغائب؛ لأنه قادر لذاته وعالم لذاته فلم يحتج إلى محل، وليس كذلك في مسألتنا فإن القادر العالم يجب أن يكون حيا سواء كان قادرا لذاته أو لمعنى، فافترقا ولا يصح القياس مع وجود الفرق.
وأما الموضع الرابع وهو فيما يلزم المكلف معرفته في هذه المسألة، فيلزم أن يعرف أن الله تعالى كان حيا فيما لم يزل، ويكون حيا فيما لا يزال، ولا يجوز خروجه عن كونه حيا من هذه الصفة بحال من الأحوال.
المسألة الخامسة: أن الله سميع بصير، وأنه سامع مبصر مدرك
للمدركات، وإنما حذف الشيخ مسألة سامع مبصر، مردك للمدركات؛ لأن العلم بها على التفصيل من فروض الأعيان واثباتها على التفصيل، وأنها زائدة على كونه عالم بالمسموعات والمبصرات تحتاج إلى بسط لا يسعه هذا المختص، وإذا أردنا الكلام فيها فينبغي أن نتكلم في ستة مواضع:
الأول: في حقيقة السميع البصير، والسامع المبصر، والمدرك، والفرق بين السميع والبصير، والسامع والمبصر، وبيان أجناس المدركات.
والثاني: حكاية المذهب وذكر الخلاف.
والثالث: في الدليل على أن الله سميع بصير.
والرابع: في الدليل على أن الله تعالى سامع مبصر مدرك للمدركات.
والخامس: في بيان شبه المخالف وابطالها.
والسادس: فيما يلزم المكلف معرفته في هذه المسألة.
أما الموضع الأول: فحقيقة السميع البصير هو المختص بصفة لكونه عليها يصح أن يدرك المسموع والمبصر إذا وجد.
पृष्ठ 258