أما الأصل الأول: فبين أمرين أحدهما: أن الفعل المحكم قد صح منه ابتداءا إما أنه قد صح منه، قال الشيخ (رحمه الله تعالى):فالذي يدل على ذلك أنه قد وقع منه ووجد الوقوع على الصحة ويعني بالصحة لا مكان إذ لو لم يصح لكان مستحيلا في نفسه وهذا ضعيف كما تقدم في مسألة قادر؛ لأنه استدل على احكام الفعل بالصحة التي تقيض بالاستحالة، فالأولى أن يقال قد صدر العالم عنه تعالى، تعالى ما فيه من الأحكام كما بينا، فلا يخلو إما أن يكون احكامه قد حصل على سبيل الجملة والاختيار، أو على سبيل الإيجاب محال أن يكون حصل منه على سبيل الإيجاب؛ لأنه كان يلزم قدمه وقد دللنا على حدوثه فلم يبق إلا أنه حصل على سبيل الصحة والاختيار، والذي يدل على أن الفعل المحكم صح منه أن ذلك ظاهر في ملكوت المسموات والأرض، فإن فيهما من بدائع الحكمة وعجائب الصنعة ما يزيد على صناعة محكمة في الشاهد، وكذلك ابن آدم فإن فيه من العجائب المحكوة غاية ما يكون، ولهذا قالت الفلاسفة: هو العالم الصغير.
وقال بعض الحكماء: سيل الأرض من مجرى نهارك، والله استجارك وأخرج ثمارك، فإنلم يجبك حوارا إجابتك اعتبارا، والذي يدل على أنه صح منه ابتداء.
قال الشيخ: ابتداءا احترازا من الاحتذاء والاقتداء فإنهما يحصلان ممن ليس بعالم بذلك الفعل المحكم، ولا يدلان على كونه عالما به.
أما الاحتذاء فمثل الكتابة بالطابع فإنه إذا وضع علىالشمع أو الدقيق فإنه يحصل مثل مافي الطائع من المحكم.
पृष्ठ 247