أحدها: أنا نقول لهم على سبيل المعارضة ثبت عندنا وعندكم أن هذه الحوادث اليومية محدثة، واستحال وجودها في الأزل فلا تخلو هذه الاستحالة إما أن تكون راجعة إلى المؤثلا فيها أو إليهما جميعا، وأي ذلك كان فهو مستمر في جميع الأوقات، فيلزم اليومية فيما أجبتم به فهو جوابنا لكم.
الوجه الثاني: أنا نقول لهم قد دلت الدلالة القاطعة على أن العالم محدث وزلا يلزمنا أن نعرف الوجه الذي لأجله استحال الفعل في الأزل والجهل بوجه استحالته ولا يوجب قدمه وبطلانه ما دلت عليه الدلالة من حدوثه وما أنكرتم أن له علة لا لا يعلمها أو أنه لا يعلل، كما في كثير من الأحكام التي لا تعلل.
الوجه الثالث: أنا نقول لهم إنه يستحيل لأمر يرجع إلى القادر ولأمر يرجع إلى المقدور، ولا يلزم ذلك ما ذكرتم من استحالته في كل حال.
أما الذي يرجع إلى القادر فهو كان يلزم أن يخرج عن كونه قادرا لأن من حق القادر أن يؤثر في الفعل على وجه الصحة والاختيار، وفي ذلك وجوب تقدمه عليه ليصح منه أن يفعله وأن لا يفعله في المستقبل فلو قارنه في القدم لبطل حكم القادر، ومتى تقدم عليه فقد زال هذا الوجه في استحالته، وصح صدوره على وجه الاختيار.
وأما الوجه الذي يرجع إلى المقدور فهو أنه كان يخرج عن كونه محدثا وينقلب قديما وذلك محال؛ لأن فيه انقلاب ذاته واتصافه بصفة مخالفة؛ لأن المحدث يخالف القديم ولأنه لو وجد في الأزل للزم أن تكون الأجسام كلها في جه واحدة وأن لا يجوز خروجها عن الجهات التي هي فيها كما تقدم، وفي ذلك بطلان حكمها.
पृष्ठ 223