[20]
الفكر، فضحك منه ولم يقل له شيئا.
وكان الحجاج لما قدم العراق ثقل أمره على أهل البلاد، فاجتمع الدهاقين إلى جميل بن بصبهري، وكان حازما مقدما، فشكوا إليه ما يتخوفون من شر الحجاج، فقال لهم: خبروني: أين مولده؟ فقالوا له: الحجاز، قال: ضعيف معجب، فأين منشؤه؟ قالوا: الشام - قال: ذاك شر، ثم قال: ما أحسن حالكم إذا لم تبتلوا معه بكاتب منكم، يعني من أهل بابل. فابتلوا بزاذان فروخ، وكان أعور شريرا. وضرب لهم جميل المثل المشهور: إن فأسا ليس فيها عود ألقيت بين شجر، فقال بعض الشجر لبعض: ما ألقي هذا هنا لخير، فقالت لهم شجرة عادية: إن لم يدخل في أست هذا عود منكن فلا تخفنه.
وكان يتقلد ديوان الشام بالرومية، لعبد الملك ولمن تقدمه، سرجون ابن منصور النصراني، فأمره عبد الملك يوما بشيء، فتثاقل عنه، وتوانى فيه، فعاد لطلبه، وحثه فيه، فرأى منه تفريطا وتقصيرا، فقال عبد الملك لأبى ثابت، سليمان بن سعد الحشني - وكان يتقلد له ديوان الرسائل - أما ترى ادلال سرجون علينا؟ وأحسبه قد رأى أن ضرورتنا إليه والى صناعته، أفما عندك حيلة؟ قال: لو شئت لحولت الحساب إلى العربية، قال: فافعل، فحوله. فرد إليه عبد الملك جميع دواوين الشام.
وحكي إنه كان لعبد الملك كاتب نصراني من أوساط كتابه، يقال له: شمعل، وأنه أنكر عليه شيئا فحذفه بمخصرة كانت في يده، أصابت رجله فأثرت فيها، فرأى شمعل جماعة من أسباب عبد الملك ممن يعاديه، وقد ظهر فيهم السرور، فأنشأ يقول:
أمن ضربة بالرجل مني تهافتت ... عداتي ولا عيب لا علي ولا نكر
पृष्ठ 30