[15]
تعنو: تخضع، ومنه قول الله عز وجل: وعنت الوجوه للحي القيوم .
قال عمر بن شبه: حدثنا المعافي بن نعيم، قال:
وقفت أنا ومعبد بن طوق على مجلس لبني العنبر، أنا على ناقة، وهو على حمار، فقاموا إلينا، فبدءوا بي، فسلموا علي، ثم انكفئوا على معبد، فقبض يده عنهم، وقال: لا، ولا كرامة! بدأتم بالصغير من قبل الكبير، وبالمولى على العربي، فأسكتوا. فنبرى هن منهم له، فقال: بدأنا بالكتاب قبل الأمي، وبالمهاجر قبل الأعرابي، وبراكب الراحلة قبل راكب الحمار.
وقلد معاوية عبد الرحمن بن زياد خراسان سنة ثمان وخمسين، وكان ضعيفا سخيا. وفيه يقول زياد بن عمرو العتكي:
سألناه الجزيل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... وأحسن ثم عدت له فعادا
مرارا لا أعود إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثنى الوسادا
ولم يزل عليها إلى أن ولي يزيد، وقتل الحسين عليه السلام، فاستخلف على عمله قيس بن الهيثم. وأقبل إلى يزيد، فأنكر قدومه، ثم رضي عنه، وسأله عما حصل له، فاعترف بعشرين ألف ألف درهم، فسوغه إياها.
وكان معه من العروض أكثر منها: فقال يوما لأسطفانوس كاتبه: ويحك يا أسطفانوس! انى لأعجب كيف يجيئني النوم وهذا المال عندي فقال له: وكم مبلغه؟ قال: إني قدرت ما عندي لمائة سنة، في كل يوم ألف درهم، لا أحتاج منه إلى شرى رقيق ولا كراع، ولا عرض من العروض، فقال له أسطفانوس: أنلم الله عينك أيها الأمير، لا تعجب من نومك وهذا المال عندك، ولكن أعجب من نومك إذا ذهب ثم نمت.
فذهب ذلك كله: أودع بعضه فذهب، وجحد بعضه، وسرة، أسبابه بعضه، فآل إلى أمره إلى أن باع فضة مصحفه. وكان يركب حمارا صغيرا تنال رجله الأرض، فلقيه مالك بن دينار، فقال له: ما فعل المال الذي قلت فيه ما قلت؟ قال: كل شيء هالك إلا وجهه، يا أبا يحيى.
أيام يزيد بن معاوية
पृष्ठ 22