[6]
بقدر هممهم.
فكتب إليه أرسطاطاليس:
فهمت ما ذكرت عن القوم الذين ذكرت. فأما هممهم، فمن الوفاء بعد الهمة، وأما ما ذكرت من شجاعتهم مع نقص عقولهم، فمن كانت هذه حاله فرفهه في المعيشة، واخصصه بحسان النساء، فإن رفاهة العيش توهي العزم، وان حب النساء يحبب السلامة، ويباعد من ركوب المخاطرة، وليكن خلقك حسنا، تستدع به صفو النيات، وإخلاص المقالات، ولا تتناول من لذيذ العيش مالا يمكن أوساط أصحابك مثله، فليس مع الاستئثار محبة، ولا مع المؤاساة بغضة.
وأوصى أبرويز ابنه شيرويه وصية طولية، قال في فصل منها:
وليكن من تختاره لوزارتك أمرا كان متضعا فرفعته، وذا شرف كان مهتضما فاصطنعته، ولا تجعله امرأ أصبته بعقوبة فاتضع عنها، ولا امرأ أطاعك بعد ما أذللته، ولا أحدا يقع في خلده أن إزالة سلطانك خير له، وأدعى إلى ثبوته، وإياك أن تستعمل ضرعا غمرا، ولا كبيرا مدبرا، قد أخذ الدهر من عقله، كما أخذت السن من جسمه.
وكانت الفرس تقول:
للوزير على الملك، وللكاتب على الصاحب، ثلاث خصال: رفع الحجاب عنه، واتهام الوشاة عليه، وإفشاء السر إليه.
وفي كتاب من كتب الهند:
إذا كان الوزير يساوي الملك في المال والهيبة والطاعة من الناس، فليصرعه الملك، فإن لم يفعل، فليعلم إنه المصروع.
ومما استحسنه من شدة التحرز ما حكي في كتاب من كتب الهند: أنه أهدى إلى بعض ملوكهم حلى وكسوة، وبحضرته امرأتان من نسائه، ووزير من وزرائه. فخير إحدى امرأتيه بين اللباس والحلية، فنظرت المرأة إلى الوزير كالمستشيرة له، فغمزها بإحدى عينيه على أخذ الكسوة، ولحظة الملك، فعدلت عما أشار به من الكسوة، واختارت الحلي، لئلا يفطن الملك للغمزة، ومكث الوزير أربعين سنة كاسرا عينه، ليظن الملك أنها عادة وخلقه.
पृष्ठ 10