فضحك الرجل غصبا عنه وقال: هذا قليل عليك، أنت تستحق قائمقامية، نسيت أنك تحكي باللسان الأسبنيولي، الخير قدام إن شاء الله، هيئ المبلغ، بعد ثلاثة أيام تصدر البيلوردي - المرسوم.
والتفت إليه فرأى الشك في وجهه فقال: أريد أن أفهمك بالقلم العريض، فلوسك تصيرك رئيس مجلس الإدارة، أفندينا مظفر باشا ينظر إلى الأهلية، أنت مستأهل، أفهمت؟ ادفع ولا تخف، صدقني إذا قلت لك إن الوظيفة في أيامنا خير من سفرتين إلى أميركا، من انتخاب شيخين ثلاثة، وتعيين أربعة خمسة مخاتير ورئيس بلدية تحصل أكثر من المبلغ، وإذا كنت صاحب بخت وسياسة تحصل المبلغ من جناية واحدة ... الوظيفة بقرة درتها مثل الجرة، والحلاب القدير مثلك يمسطها.
حسب جبور كلام السمسار تعريضا بماضيه يوم كان يحلب قطيعا كاملا لقاء رغيفين وصحن طبيخ فانقبض، وتابع الوسيط حديثه فقال: إذن الدفع غدا، أهنئك سلفا يا جبور بك.
فانبسط جبور وقال: ولقب بك أيضا؟ - نعم إذا زدت المبلغ مئتين.
فقال جبور: أظن ذلك أليق. - بدون شك، ومع نيشان أحسن وأحسن.
ففكر جبور قليلا وقال: نؤجل النيشان لنعمل فرحة ثانية.
فقال الرجل: «طيب، أوريفوار.» فارتبك جبور، ولكنه تماسك وتذكر ما يقال فصاح: «آديوس.» وهز يد الوسيط هزة كادت تخلعها من الكتف.
وكانت ناهيل بمسمع من سيدها جبور، فاغتبطت حتى كادت تطلع من ثيابها، وتخيلت الناس يسألونها قضاء حاجاتهم، ويدسون في يدها الريالات المجيدية، وهي تأبى أولا ثم ترضى، فصاحت: «آهيك، يحرز دينك يا جبور بك!»
فزأرها البك الطازج قائلا لها: على مهل يا ناهيل، هس، لا تفسدي الطبخة، لا تقولي فول حتى يدخل المكيول.
فرقصت ناهيل ابتهاجا وقالت: صارت في العب. وزغردت: «آووها» ... فهف إليها جبور وسد بوزها بيده.
अज्ञात पृष्ठ