وقص ناتان حكاية ما رأوا وسمعوا على يوسف النجار، وكان يعرفه من الناصرة وقد عمل له نيرا ممتازا، فتعجب كل الذين سمعوا مما قاله الرعاة، أما أم يسوع فكانت صامتة تسمع الكلام متفكرة في قلبها، وكان نظر منسى لا يتحول عن ثوره وحماره، وقد لحظ أنهما يأتيان عملا كأنهما مندوبان له أو موحى به إليهما.
الثور عن يمين، والحمار عن شمال، وفمواهما في المعلف ينفخان دائما ليدفئا الصبي المقرور، كان على وجه الحيوانين سيماء تفكير عميق، فقال الحمار للثور: ما تقول يا سيد، أصحيح أن عهد هذا الطفل على الأرض عهد سلام ورجاء ومحبة كما سمعنا من الطيور البشرية الخضراء؟ من عادة الطيور أن تنبئنا بأشياء أشياء، ولكن هذه الطيور غريبة، ما رأينا مثلها ولا اختبرناها بعد، فما قولتك؟ في الناس المسرة، هذا أمر مفهوم، ولكن أنا وأنت لا يهمنا أمر الناس، يهمنا أمرنا قبل أمر الآخرين ... يهمنا أن يكون على الأرض سلام صحيح، فأستريح أنا من الأحمال الثقيلة، ولذع المسلات في كتفي ورقبتي، ومن ضرب العصي على كفلي، وتستريح أنت من أثقال النير الذي يحز رقبتك، ومن لذعات المساس الذي صير جلدك كالغربال.
وكان الثور دائبا على التنفيخ والحمار يتدفق في خطابه الاجتماعي ... يتساءل عن خيرات العهد الجديد المرجوة، عهد المولود الذي بشرت به جنود السماء والملائكة ... وتعب الحمار من خطابه الطويل كأذنيه، فقال للثور: لماذا لا تقول كلمة؟ فصاح به الثور: نفخ نفخ، الصبي بردان، أنت لا يهمك إلا بطنك وجلدك، سيعود مجد إسرائيل، أما سمعت بأذنيك الصغيرتين: وبالناس المسرة؟
فأقبل الحمار ينفخ بحماسة، فملأ التبن منخريه، فعطس عطسة مشئومة، وعوع منها الصبي .
فأخذ الثور ينفخ تنفيخا ناعما، فغفا الطفل الإلهي، ولم يطق الحمار سكوتا فقال للثور: أنت، يا أخي في العبودية، أخذت حصتك في زمن مضى ... عبدوك وقدسوك وطلبوا شفاعتك فنالوا بإيمانهم خيرا جزيلا على يدك، ولكن أنا المسكين للشط واللط في كل عهد ... فضحك الثور وقال للحمار: وكيف كان عهدي عليك؟
فقال الحمار: أقول لك الصحيح؟
فأجاب الثور: نعم. - وبكل حرية؟ - نعم. - أمني، احلف أنك لا تنطحني. - حلفت.
فقال الحمار: كان عهدك أشنع العهود وأبشعها، ضرب وقتل وقلة أكل.
فسدد الثور نحوه قرنه اليمين، ثم ذكر الوعد فارعوى وقال: نفخ نفخ، الصبي بردان.
فقال الحمار: وأنا بطني فرغان ... ثم يا صديقي الحميم، ما عرفت أن تنفيخك لهذا الملك الصغير تنازل عن حقوقك الشرعية الإلهية؟
अज्ञात पृष्ठ