وخمسين عاما من ولادة الرسول (179) وذلك لأن المنطقة التي تقع فيها تونس وطرابلس كانت واقعة تحت هيمة أمراء بوليا وصقلية، في حين كان ساحل قيصرية وموريتانيا تحت سيطرة القوط (180)، وفي ذلك العصر أيضا هرب الكثير من الأمراء النصارى من جبروت القوط، وهجروا مناطقهم الوادعة وجاءوا ليسكنوا ضواحي قرطاج حيث اتخذوا على أثر ذلك ملكيات لانفسهم. ولكن يجب ان نعرف ان هؤلاء النصارى اعتنقوا مذهب الأريوسيين الذين كان ينتسب اليهم القديس أو غسطين (181). وعندما جاء العرب لفتح بلاد البربر، وجدوا النصارى قد أصبحوا سادة وأمراء هذه المناطق. كما كان ينشب بينهم الكثير من الحروب، ولكن أراد الله أن يمنح النصر للعرب. وهكذا هرب بعض الآريوسيين الى ايطاليا وبعضهم الى اسبانيا. (182)
وبعد مائتي عام من وفاة محمد (183) كانت بلاد البربر قد أصبحت جميعا تدين بالإسلام صحيح ان أهل هذه البلاد قد ثاروا عدة مرات وتنكروا لدين محمد (صلى الله عليه وسلم) وقتلو رجال دينهم وحكامهم (184). ولكن الخلفاء كانوا يرسلون جيوشا ضد البربر في كل مرة تبلغ فيها مسامعهم انباء هذه الانتفاضات، واستمر هذا الامر حتى وصول الشيعة الذين هربوا من الخلفاء. وعندئذ فقط تمكنت الديانة الاسلامية من ترسيخ جذورها نهائيا في
पृष्ठ 78