============================================================
يتوبون بالقول والأماني، ويعملون بالهوى، وما يفي عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة"(1).
بحق أقول لكم : لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب، وتبقى فيه النخالة، كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم، ويبقى الغل في صدوركم يا عبيد الدنيا : كيف يدرك الآخرة من لا تنقضي من الدنيا شهوته ؟ ولا تنقطع منها رغبته؟ بحق أقول لكم : إن قلويكم تبلى من أعمالكم. جعلتم الدنيا تحت السنتكم، والعلم تحت أقدامكم. بحق أقول لكم: أقوالكم أفسدت آخرتكم ، وصلاح الدنيا أحب إليكم من صلاح الآخرة . فأي الناس أخسر منكم لو تعلمون !!
ويلكم، متى تصفون الطريق للمدلجين(2) ؟ وتقيمون في محلة المتحبرين (3)؟ كأنكم تدعون أهل الدنيا ليتركوها لكم(4). مهلا. مهلا.
ويلكم . ماذا يغتي عن البيت المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره وجوفه موحش مظلم كذلك لا يغني عنكم أن يكون العلم بأفواهكم وأجوافكم منه موحشة مظلمة معطلة يا عبيد الديا: فلا كعلماء يعملون، ولا كعبيد أتقياء، ولا كأحرار كرام، يوشك للدنيا أن تقلعكم. فتقلبكم عل وجوهكم، ثم تكبكم على مناخركم، ثم تأخذ بنواصيكم، ثم يدفعكم العلم إلى خلفكم(5)، ثم (1) في الأصل : جاءت هذه الكلمة هكذا : (دعه) والتصحيح لنا . والباب في النسخة الثانية ناقص (2) المدلج : المسافر ليلا . والمراد : السائرون إلى الله.
(3) يعني : المتشبهين بالأحبار . وليس المراد التشبه في جنس العلم ، أو السلوك . بل المراد : الانقطاع للعلم وسلوك طريقه (4) اي: تدعون أهل الدنيا لترك الدنيا لتصفو لكم . وهكذا طائفة من العلماء يعطون الناس ، وينفردون بفعل ما نهوا عنه الناس (5) قد يدفع العلم الى الوراء ، إذا حاول العلياء الإحتجاج لأعمال السوء التي يعملونها بالتأويل
पृष्ठ 75