============================================================
فإلى الله أشكو الذي حل بنا من التبديل والتغيير، ومخالفة الأخيار. وبلغنا عن رسول الله أنه قال : " يأتي على الناس زمان المستمسك يومئذ بدينه كالقابض على الحجر*(1) وقوله الحق}: "المستمسك بسني عند فساد الناس له أجر مائة شهيد "(2) فلما رأيت البلاء محدقا بحدود الدين، والفتن بنا محيطة، والهوى فينا مطاعا متبعا، خشيت الانسلاخ من الأمر كله . فإنه بلغنا والله أعلم : أن الرجل ليسلب إيانه وما يشعر. وأن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيرجع وما معه من دينه شيء (3) .
فأشفقت من ذلك ونظرت على الضرورة إلى أمر هو بين أمرين ، إذا لم نكن من يقوم بكل ما أمر به، فلا ينبغي لنا أن نضيع كل ما أمر الله به فنهلك هلاك الأبد.
لا عذر لأحد في تضييع شيء من أمر الله : الا: فراقبوا الله عز وجل إخواني . ولا تخرجوا انفسكم من الخير كله، ولا تقتحموا بمجهودكم في الشر كله، ولا تميلوا بأهوائكم عن الحق كله، ولا (1) حديث "يأتي على الناس زمان" أخرجه بعدة الفاظ : الترمذي في سننه، الباب 73 من كتاب الفتن، وسورة من كتاب التفسير. وأيو داود في سننه، الباب 17 من كتاب الملاحم. وابن ماجه في سننه، الباب 17 من كتاب الفتن . والإمام أحمد بن حبل في مستله 390/2، 391 .
(1) حديث المستمسك بسنتي : اخرجه الامام أحمد بن حتبل في مسنده 84/1، 73/4.
(3) من يسلب إيمانه ولا يشعر، كمن يحل مشاكله محتكما إلى غير الله ورسوله، أو يجد الضيق في صدره من قضاء الله أو يعمل يعقله فيما ضمنه الله واكده (فلا قضيت، ويسلموا تسليما أما من بخرج بدينه وبعود وما معه منه شيء، فهو كالباعة الذين يشترون بعهد الله، وإيمان الزور كسبا قليلا.
पृष्ठ 67