============================================================
لونا من التسليم كالتسليم للصحابة، بل هم بشر، وهم رجال ونحن رجال: )- ولقد كانت له فلسفته الخاصة في خلوته واختفائه عن الخلق، لأن الخلوة نفسها قد تكون من آفات النفوس الخطرة، كما يكون التواضع كبرا والزهد طلبا للتكاثر، والتوكل سببأ. فالرجل يخلو ليقال إنه من أهل الخلوة ، ويتواضع ليتواضع له الناس، ويزهد لتساق إليه الأموال ليضعها في متقيها ولكنها خلوة المحاسبي : لأنها سبيل الأنس بالله، ولا علامة للأنس بالله غير التوحش من الخلق، ولا علامة للتوحش من الخلق غير الفرار إلى الخلوات، والتفرد بعذوبة الذكر، وعلى قدر ما يدخل القلب من الأنس بالله يخرج التوحش.
والأنس بالله إذا استشرف عليه إنسان، فليس له في الخلق مأرب، ولا أمل له في ثنائهم ، ولا نفرة منه في نمهم . إنه يعيش في واديه المقدس لا يزعجه من الدنيا شيء، راعيا للحيارى وإماما للمتقين، ووارثا فردا في زماته كله.
م يجرحه الإمام ابن حتبل صراحة، بل شهد له بالعلم في الحقائق، وأفرده عن علماء زمانه في براعته في هذا الباب من العلم، ولكنه نصح أصحابه بعدم صحبته. ومهما كان تأويل رأي الإمام ابن حنبل، وأنه نصح أصحابه بعدم صحبته لقصورهم عن سلوك طريقه وفهم مراميه، فإننا نقف طويلا عند تلك القصة التي أوردها الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد" روى إسماعيل بن إسحاق السراج قال : قال أحمد بن حبل يوما : يبلغني أن الحارث المحاسبي يكثر الكون عندك، فلو أحضرته منزلك، وأجلستني من حيث لا يراني، فأسمع كلامه فقلت : السمع والطاعة يا أبا عبدالله وسرني هذا الابتداء. فقصدت الحارث. وسالته أن يحضرنا تلك الليلة فقلت: وتسأل أصحابك أن يحضروا معك فقال: يا إسماعيل،
पृष्ठ 45