============================================================
ابن أبي دؤاد، وأرغموا الخليفة المتوكل بعبد المأمون على ضرب المعارضين من العلماء للقول بخلق القرآن، وكان ضرب الإمام أحمد بن حنبل في الحقيقة انتصارا معجزا للإسلام الشامخ العتيد من جهتين : أولهما : أن السلاح الفكري الذي احتج به الفرس لخلق القرآن كان واهيا لا يثبت أمام النقاش والفحص، ولذلك كان الضرب في مجال الفكر دون الحجة والبرهان إفلاسا واضحا وهزيمة فكرية ظاهرة ثانيهما: آن صمود الإمام أحمد أمام المحنة لم يكن صمود أحمد بن حبل، بل كان صمود الإسلام الذي تغلغل في كيان أحمد بن حنبل فتكلم بلسانه، أو منحه من القوة ما يصمد به أمام الجلد والتعذيب فكان صمود الإسلام باسم أحمد بن حتبل وهزيمته لجبابرة السلطان موازيأ في المسيرة لصمود الإسلام وهزيمته لمعاول الهدم الساحرة التي تعمل في ضراوة لإسقاط أصلب عقيدة عرفها التاريخ الديني والسياسي جميعا، ولكن الهزيمة الثانية كانت لقوى الإلحاد في العالم كله وعلى المستوى الشعبي لدولة بني العباس بصفة خاصة، بقيادة كبار العلماء وأطهرهم سجية وسريرة وكان الهجوم على المستوى الشعبي ممثلا كما يروي حنبل بن إسحاق في كتابه المخطوط " محنة أبي عبد الله بن حنبل" في أن أحمد بن أبي دؤاد بعد هزيمته أمام العلماء لجا إلى وسيلة شيطانية يؤمس بها عقيدة خلق القرآن من جيل آخر من المسلمين، فأصدر منشورا يلزم معلمي القرآن في " الكتاتيب" أن يقرروا على الصبيان حفظ عقيدة القول بخلق القرآن إلى جانب حفظ آيات القرآن.
ولكن صف أهل السنة كان قويا لا تقوى عليه هذه الأوهام الوافدة على صورة ثقافات ومذاهب ومترجمات وبدع وأهواء تلقن مشافهة، أو تملى على طامع من القراصنة المحترفين وزاد من قوة أهل السنة انحياز المدرسة الجديدة التي تمزج بين نص السنة وروحه في أعمق مراتبها وهم العلماء الزهاد الأوائل الأبرياء من كل دخيل من النظريات أو الأقوال الموهمة المتشابهة وكان رأس هذه المدرسة الحقيقي هو
पृष्ठ 19