============================================================
وبعد أيها العابد: فما أنت والفرح بالدنيا وهي سجن المؤمن، لا يفرح بها ولا ينعم فيها ولا يطمأن إليها، وإنما الدنيا دار بلوى وفتن، ودار هموم وغموم وحزن، وقد قال آدم عليه السلام : "كنا نسأل الله من السماء نسلا، فسبانا إبليس بالخطيثة فليس لنا أن نفرح، ولا ينبغي لنا إلا البكاء والحزن، ما كنا في دار السبي حتى نرد إلى الدار التي سببنا منها.
المدح باطل وغرور: اخواني : وقبيح بالعاقل أن يفرح بشيء من أسباب الدنيا، فكيف بمدح الباطل والغرور؟!!
وبعد : فافهم ما أقول لك أيها العابد المسرور بالمدحة، فإنك لو أتيت من العبادة ما أنست بك [ لأجله) (1) الطير والسباع والدواب وهو أم الأرض جميعا، وأثنت عليك به الملائكة، وفرح بجوارك الإنس والجن بأجمعهم، وحمدوا أمرك في كل أحوالك، ومدحوك بأعمالك، وعرفوك بها، ومدحت بر نفسك، فهل ترى لك أو لغيرك أن يتكل على ذلك، أو يغتر بمدحة المخلوقين دون الورود على الله تعالى، فيتبين لك بماذا ختم لك أمرك، وتعلم رضي الله عنك من سخطه عليك، فإمانعيم مقيم، وإما عذاب آليم؟
أخي : راقب الله عز وجل، ولا تغتر بالمدحة، فكم من معدل في الناس ليس بعدل عند الله تعالى ولا مرضي، ولم من مجتهد في العبادة صار للنيران حطيا، وصارت عبادته هباء منثورا، أولهم إيليس. وكم من عبد يصبح مؤمتأ ي كافرا، ويسلب ايمانه وما يشعر فالعاقل الشفيق من سلب الإيمان لا يأمن ولا يفرح بمدح الباطل والغرور.
الحديث أن هذا الجزاء لمن أدمن النوافل واكثر منها حتى خلصت كل فرائضه من الخال، وبقيت له منها بقية استحق بها حب الله تعالى، وليس هذا لمن اقتصر على السنن المؤكدة بل هو لمن زاد على ذلك بالسنن غير المؤكدة وبالمندوبات والمستحبات (1) ما بين المعقوفتين : مفطت من الأصول :
पृष्ठ 179