عبدة القمر: «وأما عبدة القمر، فقد زعموا أنه ملك من الملائكة يستحق التعظيم والعبادة، وإليه تدبير هذا العالم السفلي والأمور الجزئية فيه، ومنه تتضح الأشياء المتكونة واتصالها إلى كمالها، وبزيادته ونقصانه تعرف الأزمان والساعات، وهو تلو الشمس وقرينها، ومنها نوره، وبالنظر إليها زيادته ونقصانه.
ومن سنتهم أن اتخذوا صنما - على صورة عجل - وبيد الصنم جوهر. ومن دينهم أن يسجدوا له ويعبدوه، وأن يصوموا النصف من كل شهر ولا يفطروا حتى يطلع القمر، وهم يأتون صنمه بالطعام والشراب واللبن، ثم يرغبون إليه، وينظرون إلى القمر ويسألونه حوائجهم، فإذا استسهل الشهر علوا السطوح، وأوقدوا الدخن، ودعوا عند رؤيته ورغبوا إليه، ثم نزلوا عن السطوح إلى الطعام والشراب والفرح والسرور، ولم ينظروا إليه إلا على وجوه حسنة.
6
وفي نصف الشهر إذا فرغوا من الإفطار؛ أخذوا في الرقص واللعب والمعازف بين يدي الصنم والقمر».
5
كيف كانوا يدفعون عنهم نكبات الخسوف والكسوف
وهكذا كثرت الإشاعات، وتعددت الأوهام، فلم تسلم منها أمة قديمة من سكان المعمورة كلها.
أما الوسائل التي كانوا يدفعون بها تلك النكبات الموهومة التي يترقبون وقوعها زمن الخسوف أو الكسوف فهي كثيرة؛ أهمها أنهم كانوا يتظاهرون - رجالا ونساء - ثم يحدثون أقصى ما يستطيعون من جلبة وضوضاء؛ ليخيفوا تلك الجبابرة - أو المردة - التي تحاول التهام الشمس أو القمر، فكنت ترى - في حيثما ذهبت - رجلا يحمل معه طنبورا أو بوقا، وإلى جانبه امرأة أو فتاة معها دف - أو ما يقوم مقامه إن أعوزها الدف
7 - وربما ربط بعض الأمم كلابهم وانهالوا عليها جلدا بالسياط بكل ما فيهم من قسوة حتى يرتفع عواؤها إلى عنان السماء.
أما الصينيون فكانوا يضيفون إلى ذلك خروج جنودهم إلى ساحات الفضاء متنكبين أقواسهم فلا يزالون يطلقون سهمامهم - بلا انقطاع - رغبة في إنقاذ الكوكب المخسوف.
अज्ञात पृष्ठ