فإن أمثال هذه المدائح يجب أن تفهم على وجهها الصحيح؛ فهي نوع من تملق ذوي النفوذ طمعا في جاههم وتقربا إليهم!
ألا ترى إلى ابن الرومي نفسه - وهو الشاعر الفحل - يلجئه العوز والفاقة ونكد الدنيا إلى امتداح بيت سخيف لابن المعتز، حين سألوه: «لم لم تشبه مثل تشبيه ابن المعتز في قوله:
وبدا الهلال كزورق من فضة
قد أثقلته حمولة من عنبر
فتظاهر لهم بإكبار معنى هذا البيت التافه، وإعجابه بما فيه من تشبيه متكلف وعجزه عن محاكاته - تملقا لقائله - لرفعته وسمو منزلته؟
لقد سئل الفراء نفسه عن الكسائي بعد موته فقال: «مات الكسائي وهو لا يحسن حد نعم وبئس وأن المفتوحة».
12
ولا نظننا متحاملين على الكسائي حين نثبت هنا ما يرويه بعض المؤرخين عنه من أنه كان متهتكا فاجرا، ونحن نروي ذلك بشيء من التحفظ فلا نصححه ولا ننفيه، فلعله من دسائس البصريين، على أننا لا نستبعده، فليس اتصاله بالخليفة وتعهده أبنائه بالتربية مما يعصمه من اقتراف الدنايا والآثام ولو سرا.
وقد تعلم الكسائي - وهو كبير - وانصرف سيبويه إلى العلم منذ حداثة نشأته، وأعجب الخليل بن أحمد بذكائه وكان يرحب به،
13
अज्ञात पृष्ठ