Intuitionism
يذهب أهل هذا الرأي إلى أن كل الأفعال ضرورية في ذاتها بلا نظر إلى عواقبها أو الغاية المراد الوصول إليها أو تحقيقها.
فقول الصدق يعد واجبا لا؛ لأنه ضروري للحياة أو لأي سبب آخر؛ بل لأنه حق في ذاته.
وكل مذهب أخلاقي ينظر إلى الأفعال من هذه الوجهة يقال له مذهب «مستقل» أو «افتطاري» وسمي افتطاريا؛ لأن الذاهبين إليه يرون أن الإنسان قادر أن يميز بضميره صواب الأمر وصلاحيته مباشرة بلا ملاحظة ولا خبرة ولا تعليم، بل بالفطرة، ويعتقدون أن هناك قواعد للسلوك ظاهرة الصدق والصواب ظهورا مباشرا، وأن من العمل على هذه القواعد الكلية يتكون دستور أخلاقنا؛ أي دستور الفضيلة الأدبية.
ولكن الافتطاريين لا يزالون إلى يومنا هذا مختلفين في ماهية هذا المدرك بالافتطار أهو صواب الفعل؟ أم هو صواب المبدأ الخلقي؟ يقول بعضهم بالأول وبعضهم يقول بالثاني وفريق يقول: إن القانون الأدبي هو عبارة عن الخير الأسمى، فكأنه يقال إن هناك مبدأ أساسيا واحدا تتفرع منه سائر المبادئ وبه يمكننا فحصها.
والفريق الأول يرى أن في مقدرة الإنسان معرفة كون الفعل حقا أو باطلا بالضمير مباشرة، كما يمكننا أن نعرف - لأول نظرة - كون لون أي منظور أحمر أو أصفر (اللهم إلا إذا كان بالباصرة ذلك المرض الذي لا تفرق معه بين الألوان).
والفريق الثاني يرى أن الذي ندركه بالبداهة هو صدق المبادئ الأدبية الكلية، وأننا إذا نظرنا إلى فعل بعينه من الأفعال للحكم عليه فإنما يكون بتطبيق تلك القواعد العامة.
وعلى ذلك فإذا حكمنا أن طفلا في مدرسة غاش أو سارق؛ فإننا إنما ننظر إلى الفعل في كلتا الحالتين ونحكم عليه بمبدأ: أن الخيانة باطلة.
وعلى ذلك فالحكم الأدبي هو المقارنة العقلية، مقارنة فعل بعينه بأمر مفتطر أدبي، أعني: تطبيق مبدأ كلي شائع.
فالافتطاريون على هذا الاعتبار يعتمدون في إثبات صحة مذهبهم على وحي الضمير، ويدفعون بأن هذه الأمور المفتطرة؛ أي المبادئ الكلية معروفة مدركة لأول وهلة لدى الجنس البشري جميعه على اختلاف العصور وتباين المراتب بين أحط المتبربرين وأرقى المتحضرين، وأن الضمير أو الشعور الأدبي (كما يسميه بعضهم) هو غريزي في الإنسان كما هو شأن الحواس الطبيعية كالبصر والسمع وغيرهما وكما أنه قد لا تكون هذه الحواس في الإنسان تامة النمو فقد يكون الشعور الأدبي غير مستكمل النمو أيضا.
अज्ञात पृष्ठ