وأردت أن أذكر فيه ما اعتمد عليه الأولون، ليكون تأليفي غير خالٍ مما ذكر حتى قالوا: يعتمد على ذلك من جهة مباشرات الحواس البصرية والسمعية لرؤية الأشخاص الفلكية والحيوانات الأرضية، ومن جهة مباشرات الحواس السمعية للأصوات المسموعة من المزجور عليها ليكون ذلك أدل مما يحاول في هذا الضد، حتى أنهم قالوا في الزجر على الكواكب في وقت الأشخاص للمتصيدات استعمال اليقظة والنظر علوًا وسفلًا، فمتى رأى كوكبًا متقدمًا أو متأخرًا، وهو كالسانح. ثم رأى بعد ذلك عائدًا إلى ناحية الشمال دل على قلة الصيد، وإن نيل منه شيء فنزر وإن رأى بعد ذلك عند الدنو من المتصيدات كوكبًا سانحًا كان ذلك دليلًا على كثرة الصيد والظفر به، فيكون نزرًا، وإن كان الأمر على خلاف ذلك كان المنال منه كثيرًا.
باب الزجر على الثلج
ومتى رأى الثلج مستقبلًا ومستدبرًا وساقطًا من جهة الشمال، فدليل على وجود الصيد، وينال منه نزر يسير والله تعالى أعلم.
باب الزجر على العقبان
إذا رأى عند الدنو من المتصيدات عقابًا نازحًا أو واقعًا من ناحية الشمال، أو كان نازحًا ثم عاد بعد ذلك إلى ناحية اليمين، فدليل على وجود الصيد، فإذا رأى عقابًا سائحًا فدليل أيضًا على سهولة الصيد.
وقد يزجر على كثير من الجوارح الوحشية حسب ما يزجر على العقبان.
باب ما يزجر على الغراب الأبقع
قالوا: إذا رأى عند الدنو من الصيد غرابًا ساقطًا من ناحية الشمال، فدليل على الظفر، بالصيد إلا أنه نزر يسير وقد يقع على سائر الغربان ما يقع على الغراب الأبقع.
باب في الزجر على الكلاب
قالوا: وإذا رأى عند الدنو من الصيد كلبًا مجتازًا من ناحية الشمال دل على الظفر بالصيد والسرور به، وإن كان الكلب أحمر اللون، كان أجود الألوان في الزجر.
باب في الزجر على الثعالب
قالوا: وإن رأى ثعلبًا عند الدنو من الصيد مستقبلًا سائحًا أو نازحًا مستدبرًا، وهو يصيح، ثم رأى عائدًا إلى ناحية الشمال أو رأى ثعلبين مستقبلين أو مستدبرين من ناحية اليمين أو الشمال أو هما مدمني النظر إلى كلاب الصيد، فدليل على قلة الصيد والظفر به والله أعلم.
باب في الزجر على الظباء
قالوا: وإذا رأى عند الدنو من المتصيدات ظبيًا مقبلًا أو سانحًا يعني معترضًا أو مستدبرًا أو رابضًا في الناحية اليمنى أو مقبلًا نازحًا بمعنى بعيدًا ثم رآه عائدًا إلى ناحية الشمال، أو رأى ظبيين قائمين مستقبلين برأسيهما أو مستدبرين بذنبيهما يمينًا أو شمالًا، فإن ذلك دليل على جودة الصيد والظفر به، إن شاء الله تعالى.
فهذه جملة ما وقعت الأوائل عليها من حيث التجربة وبالله التوفيق.
باب في الأسماء التي يتفاءل بها الصياديون
وقد قيل: إن من الناس من يرغب في هذا كثير، مما يتفاءل في الأسماء الصالحة الموافقة، ولا سيما أهل المصائد والطرائد.
ومن عادة الصياد إذا خرج إلى الصيد أن يتسمع من يصيح من ورائه بالاسم الذي يرضيه وهو ن ٤٦ أيقال يا صالح، يا صلاح، يا مصلح، يا مفلح، يا نجاح، يا منجح، يا فلاح، يا مسعود، يا سعيد، يا سعادة، يا مساعد، يا معاضد، يا عاضد، يا منصور، يا نصر، يا ناصر، يا مقبل، يا عون، يا معين، يا مبارك، يا مباركة، يا سعيدة، يا راشد، وما شاكل ذلك، وقد قيل في المعنى: الفأل مقترن باليمن طائره والنحس منصرفٌ وليس بضائر.
وأرى سعودًا قد أتتك سريعةً ... فابشر بإقبالٍ وعزٍ ظاهر
وقد وردت آيات وأخبار عن النبي ﷺ أنه قال: "تفاءلوا ولا تطيروا"، وقال: "الفأل موكل بالمنطق"، وقال: إياكم وذوي العاهات. وقال: من سمى ولده وأحسن اسمه فقد حببه إلى الناس، وقال: حسنوا أسماء أولادكم.
وقال خالد بن صفوان: خرجت يومًا مع السفاح إلى الصيد، وكان كثير الولوع بالضواري، وكان تلك الليلة قد شكا إليّ من كثرة إحرام ضواريه في الصيد، وإنه طلب التصيد والتفرد.
وقل: يا خالد آمر أن ينادى في لناس أن لا يتبعني أحد، فإنني أخجل من قلة عمل الضواري، فنودي في العسكر، أن ارجعوا فرجعوا إلا من اختاره السفاح، فسرنا غير بعيد.
1 / 46