قال الأستاذ: إذا أرت أن تصيد الأرنب بالشبكة، فأكثر لها العلف في زمان يباس الخضرة من الأرض، فاخلط الشعير في التبن ووطيه في المكان الذي تريد أن تنصب فيه الشبكة، وتكثر فيه الشعير والحمص، فإن الأرنب يعتاد ذلك، ويكثر التردد إليه، فإذا علمت أن الأرنب كثر عليهم فانصب عليه الشبكة وادفنها في التبن، وينبغي أن تكون الشبكة واسعة العين بحيث لا يخرج رأس الأرنب منه، فإن الأرنب إذا خرج رأسه من مكان جاز جميعه فيه، فإن أكثر الأرنب اقلب الشبكة عليه، وشد الجذب في بعض الأوتاد ليتجنب الخوف من أن يرتفع الحبل الذي عليه قيام الشبكة، وينبغي أن تكون الشبكة كثيرة العرض حتى يكون على ما تحتها فضلة، وكلما كانت رخوة كان الصياد آمن من أن يخرج ما تحتها، وأما من أراد أن يصيد الأرنب بالفخ فله أن يعمل في المواضع التي يطرقها الأرنب في الرعي، ويقطع عليه الطرق بالشرك، ويخلي له أبواب بمقدار ما يجوز الأرنب فقط، وفخ الأرنب مثل فخ الجمل والدراج إلا أن هذه تكون الخراطة أقوى.
باب صيد الغزال بالشبك
قال أصحاب التاريخ: إن أول من تصيد بالشبكة المتوكل، وقيل للمعتصم، وكان للمستنجد بالله شبكة ولا يصلح أن تكون الشبكة إلا لسلطان، ولا يزيد ما تحمل عليه الشبكة إلا بكلفة أنها تكون عشرين حملًا، وأكثر من ذلك، وكان المستنجد بالله يتصيد بها في أرض يقال لها الأحمرية لأنها كثيرة الغزال، وهذه الشبكة تقوم على أعمدة كما تقوم سقاق الخيمة، ويكون لها زاوية طويلة. إذا انتهى الغزال دخل في تلك الزاوية، ويكون في تلك الزاوية أكمام إذا دخل الغزال فيها لا يقدر على الخروج إذا نطح الشبكة، ويكون لها جناحان كلما جاءت أبعدت بعضها عن بعض إلى أن تأخذ من الأرض مد البصر، والخيل تحوي الغزال من كل جهة، حتى إذا وجد الغزال له السبيل في وسط الشبكة، وهو الباب المفتوح، دخل الجميع فيها، أمرت الرجال الذين معهم طرفا الشبكة بأن يميلوا إلى الوسط، وتكون أول الشبكة على بغلين عليهما غلامان عند الرأسين، وفي كل جوكة من الجوكات التي يسار بها رجال ركبان، كل رجل معه جوكة يمشي وراءه ببكرة إلى أن تلتقي الرأسان، فإذا التقت الرأسان دقت خلف الجوك الأوتاد وخليت قائمة، ودخل من يريد أن يتفرج هو ومن أراد فيصيد جميع ما فيها إن شاء، وإن شاء قبض، وهذا لا يفعله أحد إلا صاحب همة. ومبدأ، هذا من العراق، وقيل أول من عمل المصائد والصير لصيد الغزال، ملك كان قد جمع الوحش في مضيق فلزّ الغزال فيه، وكان هناك مكان منخسف كالبئر، فصار الغزال يقفز ذلك المكان، فيقع في تلك البئر إلى أن صار فيه غزال كثير، فقال الملك: لو عملنا مثل هذا لوقع فيه الغزال، فأمر من يعمل له مثل ذلك من الصير والزوايا، فحفرت فيه الآبار، ورفعت حيطان وهي المصائد.
قال محمد بن منكلي: أما الشباك المذكورة والمصائد فإن عملها في زماننا ممتنع، وما ذكرت في هذا التأليف المختصر إلا لتذكر في هذا التأليف، ويقرأ القارئ ذكرها والله الموفق بفضله.
باب قتل المؤذيات من سبع وغيره
قالوا: ومن أراد قتل المؤذيات من السباع فلينصب له قوسين على باب صيرة، ويجعل في تلك الصيرة رمة مربوطة وثيقة، ثم ينصب قوسين من أقواس الرمي كالقوس في حد من حدود تلك الصيرة، مفتوح في كبده سهم مفوق، وللسهم مجرى يجري فيه، حتى لا يخطئ ذلك السهم، ويجعل الوتر في عصفورة كما يفعل بقوس الجرخ، ويجعل بفتح العصفورة خيط يعمل في العصفورة من تحت القالب، ويكون رأس الخيط في القوس الآخر بمقدار ما تعمل السهمان، تلتقي إذا فقس القوسان، ويجعل الخيط في الباب، ويجعل قدام البيت حجارة مبنية إلى صدر الأسد، والخيط قدام ذلك بذراع واحد، بحيث أنه إذا وصل السد، وقفز تلك الحجارة جاء بحدته، فأخذ الخيط في طريقه فانفقست القوسان عند جذبه الخيط، وكان فيها هلاكه إن شاء الله تعالى.
وقد ذكرت في هذا طرق وحيل الصيد كثيرة.
باب في كيفية الزجر حين الخروج إلى الصيد
قال المؤلف: وقد علم بحمد الله أن الزجر لم يكن له أصل من جهة شرعيًا، وإنما هو أمر قد اعتمده القدماء.
1 / 45