وأما من ذكر من العلماء رحمهم الله تعالى في كراهة نوم الجنب فكثير والجواز معلوم، ولو ذكر التفصيل في ذلك، وفعل النبي ﷺ فيه ليخرج عن ما الكتاب بصدده، ومن الله تعالى يسأل التوفيق والتوبة.
باب كيفية إرسال الصقور على النعام والحيلة في صيدها
قد علم أن النعام من حيث تنظر الشخص أو الفارس لا تزال تعدو إلى أن تواري نفسها، وهي تعدو الفرسخ والفرسخين، فإذا عاينه من يرسل عليه، كشف رؤوس الصقور، وأرسل وركض هو وأرسل الكلب المستريح، وأقل ما يرسل عليها خمسة منها، واحد للرأس ولوسط الرقبة وللركبتين صقران والكلب والأكثر ستة، ثلاثة للرقبة صقران لكتفين وصقر للركبة مع الكلب المستريح، والكلب لعله يأتي لمكان الخلو، وهو أحد الركبتين.
وينبغي أن يكون الكلب طويل النفس، مجنس ما بين السلوقي والزغواني، وقد تقدم ذكر الكلاب ونسبتها، فإن الصقور إذا واصلت إلى النعام تعلقت في رقبتها أو رأسها لحق الكلب، وهذا أهون ما يكون على الصقور، لولا أنها تجعل من بعيد.
وأما الحيلة في صيدها، فمن أهون ما يكون إن شاء الله تعالى.
قال أصحاب التجارب: يحتاج من التمس النعام إلى أن يعلم أن أشد ما يكون عدوه وأسرعه إذا استقبل الريح، وكلما كانت الريح أعصف كان حصر النعام أسرع، ومن عرف هذا احتال لانقطاعها عنه وأخذ الريح عليها حتى يظفر بها، وهي أشد الوحوش نفارًا، وتصاد بالخرق السود تعلق في مواضعه، فإذا أحست بالخرق السود وزال ذعرها، لبس القانص ثوبًا اسود وانتصب له قائمًا، فإنه لا يستوحش منه، فيصيده، وتكون الخرق معلقة مربوطة بقوة على خشب أطول من القامة قليلًا، والخشب مؤبدة في الأرض.
قال محمد بن منكلي: ولا بأس أن يوضع حول تلك الأخشاب ما تكون النعام تلتقطه وتستطيبه، وربما ترسل الصور والكلب والحالة هذه وتصاد في زمن الصيف لانسحاق خفها، وتساقط ريشها، وكثرة لحمها وسمنها، وتدركه الرجالة فتصيده.
ومما جرب أن الحديد الذي يبتلعه النعام ويخرج، يعمل منه سكين أو سيف لم يكل، ولم يقم له شيء.
عظمه: أكله يورثه السل. مرازله سم، وإن عمل من جلدها سمكة وجعلت في جام فيه خل سبحت فيه.
قال الفقيه محمد بن منكلي، غفر الله له: أردت أن لا أخلي هذا التأليف من ذكر النسر والحدأة والرخمة، وذكر خواصهم، لأنهم من جنس الضواري.
قال أهل التجربة: إن الحدأة تبيض بيضتين، وربما باضت ثلاثة، يخرج منها ثلاثة أفراخ وهي تحضن عشرين يومًا، وإن الحدأة لا تصيد وإنما تخطف، وفي طبعها أنها تقف في الطيران، وليس ذلك لغيرها.
قال ابن وحشية: إن العقاب والحدأة يتبدلان فيصير الحدأة عقابًا، والعقاب حدأة.
ويقال إن الحدأة أحسن الطير مجاورة لما جاورها من الطيران، ولو ماتت جوعًا لا تعدو على أفراخ جيرانها ويروي في الأخبار، أن الحدأة كانت من جوارح نبي الله، سليمان بن داود، ﵉، وإنما امتنعت من أن تألف أو تملك، لأنها من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، ولو كانت مما يصاد بها لما كان في الكواسر أحسن صيدًا منها، ولا أجل ثمنًا.
وفي طبعها أنها لا تخطف إلا من يمين من يخطف منه دون شماله، حتى يقال أنها عسرى وليس فيها لحم، وإنما هي عظام وعصب وجلد وريش.
خواص الحدأة: إذا سحقت مرارة الحدأة وذرت في موضع فيه حيات يموتون، وإذا جففت هذه المرارة وسحقت، واكتحل بها من لسعه العقرب في الجانب الذي لسعت فيه، فإن الوجع يسكن، وكذلك يفعل في لسعة الزنبور.
دمها: إذا سحق بخل ودهن وطلي به على الجذام والبرص أزال ذلك.
وإن شوي قلب الحدأة، وأطعم لصبي هرج شجاعًا قوي القلب، وإن بخر بشيء من جناحها في بيت فيه سراج وفيه جماعة لم ينظر بعضهم بعضًا وأظلم البيت، وإذا صلبت في بيت ذهب منه الحيات والعقارب، قاله ابن زهر في خواصه.
وإذا سحقت مرارة حدأة، وجعلت في سلة الحاوي، قتلت ما فيها من الحيات.
1 / 41