उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या

बुत्रुस बुस्तानी d. 1300 AH
183

उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या

أدباء العرب في الأعصر العباسية

शैलियों

هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، وقيل بل كناني صليب، والأول أشهر. وكان له جد أسود اللون يقال له فزارة كان جمالا لعمرو بن قلع من بني كنانة. ولقب بالجاحظ لجحوظ عينيه، وربما قيل له الحدقي لكبر حدقتيه. وكني بأبي عثمان.

وكان مولده في البصرة، فلما ترعرع طلب العلم في الكتاب، وخالط المسجديين من أهل العلم والأدب، فأخذ عنهم. وكان يكتري حوانيت الوراقين ويبيت فيها للمطالعة. على أن ضيق ذات يده لم يتح له أن ينقطع إلى العلم في أول أمره، فقد شوهد يبيع الخبز والسمك في سيحان،

2

ولعله أفاد من هذه التجارة ما أغناه بعض الشيء فانصرف يجلس إلى علماء البصرة ويسمع من العرب الخلص في المربد.

وبدأت نباهة الجاحظ في خلافة المأمون، ووصلت كتبه إلى الخليفة فأعجب بها واستقدمه إليه، وصدره ديوان الرسائل، فاستعفى بعد ثلاثة أيام، فأعفي. وكان سهل بن هارون يقول: «إن ثبت الجاحظ في هذا الديوان أفل نجم الكتاب.» ويعزو ابن شهيد الأندلسي إخفاق الجاحظ في منصب الكتابة إلى أمرين؛ أولهما: دمامة وجهه والملوك يؤثرون الكتاب الحسان الوجوه. والثاني: خفته وعبثه، والكتاب يحمد فيهم الترصن والوقار.

ولما صارت الخلافة إلى المعتصم، وتقلد الوزارة ابن الزيات اتصل به الجاحظ اتصالا مكينا، وأقام معه يكتب له ويمدحه، وقدم له كتاب الحيوان فأفاد منه مالا وفرا. وتأتى له أن يقوم برحلات إلى دمشق وأنطاكية وربما إلى مصر، فوسعت هذه الأسفار خياله وزادته علما وخبرة واطلاعا.

وكان بين ابن الزيات والقاضي أحمد بن أبي دؤاد من الشنآن ما جعل كاتبنا ينحرف إلى صديقه الوزير، ويتنكر لابن أبي دؤاد، فلما استخلف المتوكل، وفتك بابن الزيات، خاف الجاحظ على نفسه؛ لأن المتوكل كان يكره أصحاب الاعتزال وأبو عثمان منهم، فهرب واختفى عن الناس، فجد القاضي في طلبه حتى قبض عليه. وجيء به مغلول العنق بسلسلة، مقيد الرجلين، في قميص سمل. فلما وقع نظر القاضي عليه قال: «والله ما علمتك إلا متناسيا للنعمة، كفورا للصنيعة، معدنا للمساوئ. وما قصرت باستصلاحي لك، ولكن الأيام لا تصلح منك لفساد طويتك، ورداءة دخلتك، وسوء اختيارك، وتغالب طبعك.» فقال له الجاحظ: «خفض عليك، أيدك الله! فوالله لأن يكون لك الأمر علي خير من أن يكون لي عليك، ولأن أسيء وتحسن أحسن في الأحدوثة عنك من أن أحسن فتسيء، ولأن تعفو عني في حال قدرتك أجمل بك من الانتقام مني.» فقال له ابن أبي دؤاد: «قبحك الله! ما علمتك إلا كثير تزويق الكلام. وقد جعلت ثيابك أمام قلبك، ثم اصطفيت فيه النفاق والكفر.» ثم قال: «جيئوا بحداد.» فقال: «أعز الله القاضي! ليفك عني أو ليزيدني؟» فقال: «بل ليفك عنك.»

فجيء بالحداد فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ ويطيل أمره قليلا، ففعل؛ فلطمه الجاحظ وقال: «اعمل عمل شهر في يوم، وعمل يوم في ساعة، وعمل ساعة في لحظة، فإن الضرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة.»

3

فضحك ابن أبي دؤاد وأهل المجلس منه. وقال القاضي: «أنا أثق بظرفه ولا أثق بدينه.» ثم قال: «يا غلام صر به إلى الحمام وأمط عنه الأذى، واحمل إليه تخت

अज्ञात पृष्ठ