उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या
أدباء العرب في الأعصر العباسية
शैलियों
ويقف أمام صورة تريك وقعة بين الروم والفرس في مدينة أنطاكية، فيتناولها بالوصف فتحس أن الحياة تدب فيها، ويبدو لك أنك تشاهد التحام الفرسان، ووقع الأسنة. وتتمثل كسرى في ثيابه الملونة يسوق الصفوف تحت رايته. وما أنت إلا منجذب مع الشاعر في خياله الجميل:
فإذا ما رأيت صورة أنطاكية
ارتعت بين روم وفرس
والمنايا مواثل وأنوشروان
يزجي الصفوف تحت الدرفس
26
فقصيدة الإيوان أبلغ مثال لدقة الوصف، وسمو الخيال عند البحتري. وقد أدهش بها معاصريه؛ لأنه فتح بها فتحا جديدا في الأدب، وهو البكاء على الممالك الزائلة، ووصف أطلالها الدارسة، فإذا ابن المعتز يقول: «لو لم يكن للبحتري إلا قصيدته السينية في وصف إيوان كسرى - فليس للعرب سينية مثلها - وقصيدته في وصف البركة لكان أشعر الناس في زمانه.»
غزله
ليس للبحتري غزل قائم بنفسه، وإنما هو في صدور مدائحه، فمنه تقليدي بدوي يترسم به الأقدمين من وقوف وبكاء على الأطلال، ويكثر فيه ذكر أسماء عرائس الشعر كسعاد وأسماء وليلى، وذكر أماكن البدو كنجد وإضم وخبت، وهذا النوع لا يطالعك بشيء طريف، ومنه الجديد المترف، وهو الذي تحس فيه نفسية الشاعر، وتلمس عاطفته المتوقدة. وفيه يصف عواطف نفسه وأهواءها، وشجونها وارتياحها، ويصف مواقف اللقاء والوداع، ومجالس اللهو والأنس، والخمرة والحبيب. ويصف استكانته للحب وخضوعه، وإذعانه لمشيئة محبوبه. وقد يتهتك في تشبيبه ولكنه لا يبلغ فيه مبلغ أبي نواس.
وأول ما عرف الحب قلب البحتري يوم تعشق علوة الحلبية، فأذكت الجذوة الأولى في فؤاده، فأذابت عاطفته على قوافيه. ثم ابتعد عنها إلى العراق، فكان لا يفتر عن ذكرها، والتشبيب بها، والحنين إليها. والظاهر أن علوة هذه كانت فتاة تياهة يلذ لها العبث بقلوب الفتيان، وليس للتصون عندها حظ كبير، لذلك لم يكن حب البحتري لها عذريا ولا صلته بها طاهرة، حتى إذا بلغه أنها تزوجت هجاها، وأوجع عرضها، ورماها بكل شائنة. وغزله فيها يظهر لنا حقيقة هذا الحب وبعده من العفاف.
अज्ञात पृष्ठ