وينبغى للمثبت وللمبطل أن ينظر فى المتضادات: هل يتبع الضد للضد فى أشياء بأعيانها، أو بعكس ذلك. وينبغى أن نأخذ ذلك من استقراء النظائر بمقدار ما ينتفع به. فاللزوم إنما يكون فى أشياء بأعيانها، بمنزلة ما هو فى الشجاعة والجبن. وذلك أن تيك تلزمها الفضيلة، وهذا يلزمه الرذيلة؛ وتيك يلزمها أنها من الأشياء المأثورة، وهذا أنه من الأشياء التى يهرب منها. فلزوم هذه أيضا قد يوجد فى أشياء بأعيانها، فإن المأثور ضد الذى يهرب منه. وكذلك الأمر فى الآخر. واللزوم يكون بالعكس، مثال ذلك أن الصحة تلزم جودة البنية، والمرض لا يلزم رداءة البنية، لكن رداءة البنية تلزم المرض. فمن البين أن اللزوم فى هذه يوجد بالعكس.
فأما فى المتضادات فقل ما يعرض من العكس. إلا أن اللزوم لأكثرها يكون فى أشياء بعينها. فإن كان الضد لا يلزم الضد فى أشياء بأعيانها ولا بالعكس، فمن البين أنه ولا فيما وصفنا أيضا يلزم أحدهما للآخر. وإن كان ذلك فى المتضادات فواجب ضرورة وفيما وصفنا أيضا أن يلزم أحدهما الآخر.
وينبغى أيضا أن ننظر فى الملكات والعدم على مثل ما نظرنا فى المتضادات، غير أنه ليس يوجد الأمر بالعكس فى العدم، ولكن يجب ضرورة أن يكون اللزوم دائما فى أشياء بأعيانها، كما يلزم فى الحس للبصر، وعدم الحس للعمى. وذلك أن الحس أيضا يقابل عدم الحس كتقابل الملكة للعدم: ف إن ذاك ملكة وهذا عدم.
पृष्ठ 523