سنة اثنتي عشرة وثلثمائة بأن أبا طاهر بن أبي سعيد الجنابي أخذ الحاج بالهبير وأسر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان وأحمد ابن كشمرد ونحريرا العمري وأحمد بن بدر عم السيدة وشفيعًا خادمها وفلفلًا وجماعة من الحرم والخدم، ومات الكثير من الناس بالعطش والحفا والرجلة فانقلبت بغداد في جانبيها، وخرجت النساء إلى الطرقات مسودات الوجوه منشرات الشعور يصرخن ويلطمن، وانصرف إليهن حرم من نكبه وقتله ابن الفرات. فقبحت الحال قبحًا شديدًا. وتقدم ابن الفرات إلى نازوك بالركوب إلى المساجد الجامعة لزم العامة ومنع الفتنة. وضعفت نفس ابن الفرات بهذه الحادثة، وركب في آخر نهار يوم السبت إلى المقتدر بالله، وشرح له الصورة على ما أورده الزنجي سابق الحاج، واستدعى المقتدر بالله نصرًا الحاجب، وأدخله في الخطاب والمشاورة، فانبسط لسان نصر على ابن الفرات وقال: الساعة تقول ما الرأي بعد أن زعزعت أركان المملكة، وأطمعت الأعداء بإبعاد مؤنس عن الحضرة، ومن يدفع الآن هذا العدو إن حاول بالسلطان أمرًا؟ وأشار على المقتدر بالله بمكاتبة مؤنس واستقدامه، فأمره بذلك. فلما خرجا سأل ابن الفرات نصرًا ألا يكتب إلى مؤنس شيئًا إلا بعد نفوذ كتابه، فوعده بالتوقف وعدًا لم يف به. وأنفذ الرسل من وقته، وكتب إليه ابن الفرات عن المقتدر بالله بالانكفاء إلى الحضرة. ووثب العامة إلى ابن الفرات، ورجموا طياره بالآجر ورجموا ابنه المحسن وهو في موكبه على الظهر
1 / 57