وأما الإحاطة بها فما أبعدها لا سيما على مثل جامع هذه التوقيعات من ذلك غالب أوقات طعامه لا تكون إلا ومعه مسكين أو ملهوف يأكل معه ويختص به، وإني قلت له مرة وهو في محروس الحصين -عمره الله- وقد رأيت رجلا ترك الإمام -عليه السلام- إلى أن سلم من صلاة الجمعة فترامى إلى أمامه داخل المحراب، وحال بين الإمام والانصباب على الدعاء المعهود، فرده برفق حتى أعاده إلى موضعه الأول، فقلت له -عليه السلام- في غير ذلك المقام: لو تركت الخدم يمنعونه كما منعوا غيره، فقال: مقسما بالله إني قد قضيت حاجته في سواد هذه الليلة، وذلك إني سمعته يتظلم وقد مضى من الليل شطر وقد رقد كل واحد فيما أعلم وقلت لنفسي: بقي لي من القدرة ما أنظر في قضاء حاجة هذا الملهوف، ولا وجدت من يستدعيه فقمت وفتحت له الباب وأسرجت له الشمعة، وأوصلته مرقدي مكان خاصا والله قسما ما قد دعوتك إليه يعنيني! قال: ثم غسلت له يده وطلبت له الطعام وسألته حاجته، وقضيت ما إلي منها، وأحلت بينه وبين خصامه إلى الشرع الشريف أعزه الله، والمناظرة عند القاضي فعاودني بما رأيت وكذا غيره مما لا أحيط به.
पृष्ठ 123