فقالوا: إنه يقدر على ذلك من أقدره الله تعالى عليه ومكنه منه وأراده له. انتهى وقد تقدم له أنهم يقولون أن الأكوان ذوات حقيقية وبعضهم قال: الأكوان ذوات ثبوتيه هي فعل الله، وفعل العبد كسب يتعلق بها وهي متميزة منه وبعضهم ذهب أنه لا فعل للعبد إلا الاختيار فمتى اختار الطاعة خلقها الله عقيب اختياره وكذلك المعصية فتأمل كيف جعل كلامهم موافقا لأبي الحسين المعتزلي وابن تيميه الظاهري، (لأنه) أي الكسب (إن كان أمرا اعتبره العبد في فعل الرب من طاعة أو معصية أو نحو ذلك) كالمباح (م يصح تعلق الاعتبار بفعل الغير) أي غير المعتبر (وإلا عم الفعل غير الفاعل) أي وإلا لكان فعل الواحد طاعة أو معصية لكثيرين إذا اعتبروهما في فعله فأثيبوا وعوقبوا بفعل غيرهم، وذلك باطل بضرورتي العقل والشرع (وإن كان) أي الكسب (أمرا وجوديا متميزا فهو كون آخر) والمفروض أن ليس هناك إلا كون واحد أثر في الأثر وأن العبد لا يقدر على الكون (أو غير متميز) بل الكون واحد مقدور بين قادرين لا يتميز مقدور أحدهما عن مقدور الاخر(اجتمع فيه النقيضان الوجوب بإيجاب القدرة والجواز باختيار الكسب وانتفاء المشاركة) بينهما (فيه إن استقل به أحدهما لما تقدم) من أن الموجب مستقل بالتأثير وغيره طرد في المؤثر.
(قالوا: الإلهيات تستلزم الجبر) من كونه لا يقع في ملكه مالا يريد وغير ذلك من التعظيم للباري سبحانه وتعالى (وإثبات الرسل يستلزم الاختيار فيجب أحدهما جمعا بين الأدلة العقلية والسمعية) صرح بمعنى ذلك الرازي وغيره من الأشاعرة.
पृष्ठ 14