إلى قوله: وإنما نذكر منه مقاما واحدا: ذكر محمد بن جرير في تاريخه: أن الزبيري دخل ذات يوم على الرشيد، فقال: يا أمير المؤمنين إني والله خفت عليك امرأتك وبنتك وجاريتك التي تنام معك وخادمك الذي يخدمك ويناولك ثيابك، وأخص خلق الله بك من قوادك وأبعدهم منك، قال: فتغير لونه، وقال: مماذا؟
قال: قد جاءتني دعوة يحيى، فعلمت أنها لم تبلغني مع العداوة بيننا وبينه حتى لم يبق أحد خلف بابك إلا وقد أدخله في الخلاف عليك، قال: وتقول هذا في وجهه؟ قال: نعم.
قال الرشيد للفضل: أدخل يحيى، فدخل فأعاد القول الذي قاله، فقال يحيى لهارون: لقد جاء بقول لو قيل لمن هو أقل منك فيمن هو أكبر مني لما أفلت، ولكني أباهله.
قال: فافعل، فقام يحيى، فصلى ركعتين، وقال هارون للزبيري، قم فصل ركعتين، فقام فصلى ركعتين، ثم برك يحيى، ثم قال: ابرك، ثم شبك يمينه في يمينه، ثم قال: (اللهم إن كنت تعلم أني دعوت عبدالله بن مصعب على هذا - يعني الرشيد ووضع يده عليه وأشار إليه - فاسحتني بعذاب من عندك وكلني إلى حولي وقوتي، وإلا فكله إلى حوله وقوته، وأسحته بعذاب من عندك يا رب العالمين، فقال عبدالله: آمين يا رب العالمين).
قال يحيى بن عبدالله لعبدالله بن مصعب: قل كما قلت، فقال: اللهم إن كنت تعلم أن يحيى بن عبدالله لم يدعني إلى الخلاف على هذا فكلني إلى حولي وقوتي واسحتني بعذاب من عندك، وإلا فكله إلى حوله وقوته واسحته بعذاب من عندك آمين يا رب العالمين.
وعلى اختلاف الروايات أن الزبيري لم يلبث بعد تحليف يحيى عليه السلام له ومباهلته إياه أكثر من ثلاثة أيام منهم من قال: مات من يومه، ومنهم من قال: ثانيه، والأكثر: ثالثه.
पृष्ठ 136