تفسير التبيان ج1
(وجزاء سيئة سيئة مثلها)(1) كما قال الشاعر:
ألا لايجهلن احد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وقال تعالى: (فيسخرون منهم سخر الله منهم)(2) مثله كثير وقيل في حجة من قرأ يخادعون بألف هو ان ينزل ما يخطر بباله ويهجس في نفسه من الخداع بمنزلة آخر يجازيه ذلك ويفاوضه فكأن الفعل من اثنين كما.
قال الشاعر وذكر حمارا أراد الورود:
تذكرمن أنى ومن أين شربه
يؤامر نفسيه كذي الهجمة الابل(3)
فجعل ما يكون منه من وروده الماء والتمثل بينهما بمنزلة نفسين.
وقال الآخر: وهل تطيق وداعا ايها الرجل وعلى هذا قول من قرأ: (قال إعلم ان الله على كل شئ قدير) فوصل فخاطب نفسه ونظائر ذلك كثيرة وانما دعاهم إلى المخادعة امور احدها - التقية وخوف القتل والثاني - ليكرموهم إكرام المؤمنين الثالث - ليأنسوا اليهم في اسرارهم فينقلوها إلى اعدائهم والخداع مشتق من الخدع وهو اخفاء الشئ مع ايهام غيره ومنه المخدع: البيت الذي يخفى فيه الشئ فان قيل: أليس الكفار قد خدعوا المؤمنين بما اظهروا بالسنتهم حتى حقنوا بذلك دماءهم واموالهم - وان كانوا مخدوعين في أمر آخرتهم -.
قيل: لا نقول خدعوا المؤمنين لان اطلاق ذلك يوجب حقيقة الخديعة لكن نقول: خادعوهم وما خدعوهم بل خدعوا انفسهم كما قال في الآية ولو أن انسانا قاتل غيره فقتل نفسه جاز أن يقال: انه قاتل فلانا فلم يقتل إلا نفسه فيوجب مقاتلة صاحبه وينفي عنه قتله والنفس مأخوذة من النفاسة لانها أجل ما في الانسان تقول: نفس
---
(1) سورة الشورى: آية 40.
(2) سورة التوبة: آية 80.
(3) في الطبعة الايرانية نفسه بدل نفسيه.
पृष्ठ 69