التفسير: وخداع المنافق إظهاره بلسانه من القول أو التصديق خلاف ما في قلبه من الشك والتكذيب وليس لاحد ان يقول: كيف يكون المنافق لله ولرسوله وللمؤمنين مخادعا وهو لايظهر بلسانه خلاف ما هو له معتقد إلا تقية؟
وذلك ان العرب تسمي من اظهر بلسانه غير ما في قلبه لينجو مما يخافه مخادعا لمن تخلص منه بما اظهرله من التقية فلذلك سمي المنافق مخادعا من حيث انه نجا من اجراء حكم الكفر عليه بما اظهره بلسانه فهو وان كان مخادعا للمؤمنين فهو لنفسه مخادع لانه يظهر لها بذلك أنه يعطيها أمنيتها وهو يوردها بذلك أليم العذاب وشديد الوبال فلذلك قال: " وما يخدعون إلا أنفسهم " وقوله: " وما يشعرون " يدل على بطلان قول من قال: إن الله لا يعذب إلا من كفر عنادا بعد علمه بوحدانيته ضرورة " لانه أخبر عنهم بالنفاق وبأنهم لا يعلمون ذلك والمفاعلة وإن كانت تكون من اثنين من كل واحد منهما لصاحبه مثل ضاربت وقاتلت وغير ذلك فقد ورد من هذا الوزن " فاعل " بمعنى (فعل) مثل: قاتله الله وطابقت النعل وعافاه الله وغير ذلك وقد حكينا أن معناه: يخدعون كما قال في البيت المقدم وقيل: إنه لم يخرج بذلك عن الباب ومعناه: ان المنافق يخادع الله بكذبه بلسانه على ما تقدم والله يخادعه بخلافه بما فيه نجاة نفسه كما قال: (انما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين)(1).
حكي عن الحسن ان معنى يخادعون الله انهم يخدعون نبيه لان طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله كما قال: (وان يريدوا ان يخدعوك)(2) قيل معناه: انهم يعملون عمل المخادع كما يقال فلان يسخر من نفسه ومن قرأ (وما يخادعون) بألف طلب المشاكلة والازدواج كما قال: (وان عاقبتم فعاقبوا)(3) كما قال:
पृष्ठ 68