أما الدليل على وقوعه فهو: أن " القرء " يطلق على " الطهر " و" الحيض "، فهو إما أن يكون متواطئًا أو يكون حقيقة في أحدهما مجازًا في الآخر، أو يكون مشتركًا.
أما الأول: وهو: كونه متواطئًا - فهو باطل؛ لأن شرط التواطؤ: اتحاد المعنى، وهاهنا ليس كذلك.
أما الثاني: وهو كونه حقيقة في أحدهما مجازًا في الآخر - فهو باطل أيضًا، لأنه لو كان كذلك لتبادر المعنى الحقيقي إلى الذهن، ولكن الحق: أن الذهن - عند سماع هذا اللفظ مجردًا عن القرينة - يتردد بين " الطهر " و" الحيض "، فلم يبق إلا الثالث، وهو أنه مشترك بين هذين المعنيين، والتردد علامة الاشتراك.
والمشترك واقع في القرآن مثل: " القرء " و" عسعس " و" الصريم "، وواقع في السنة مثل " الشفق " الوارد في الحديث وهو: أن النبي ﷺ أقام العشاء حين غاب الشفق.
* * *
المسألة الثالثة:
يصح استعمال اللفظ المشترك في جميع معانيه في وقت واحد إذا أمكن الجمع بينها؛ لوقوعه؛ حيث قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)، فالصلاة من الله تعالى: الرحمة والمغفرة، ومن الملائكة الاستغفار، وهما معنيان متغايران، واستعمل لفظة " الصلاة " فيهما دفعة واحدة؛ حيث وقع الإخبار به، فدل ذلك على صحة استعمال المشترك في كل