हमारी संस्कृति युग का सामना करती है
ثقافتنا في مواجهة العصر
शैलियों
والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة .
فتوجه الملك بالسؤال إلى جماعة الحيوان قائلا: قد سمعتم، يا معشر البهائم والأنعام، ما قال الإنسي من آيات القرآن مستدلا بها على صدق دعواه، فماذا تقولون في ذلك؟
فأناب الحيوان عنه البغل ليتكلم بلسانه، فقال: ليس في شيء مما قرأ هذا الإنسي من آيات القرآن دليل على زعمهم بأنهم أرباب لنا، وبأننا عبيد لهم، إنما هي آيات تذكرهم بما أنعم الله عليهم به؛ قال لهم القرآن الكريم:
سخرناها لكم ، كما جاء فيه في آيات متفرقة أن الله سخر لهم الشمس والقمر والسحاب والرياح، أفترى أيها الملك أنها قد أصبحت بذلك عبيدا للإنسان، وأن الناس قد أصبحوا أربابها؟! ألا إن الله تعالى خلق كل ما في السموات والأرض وجعلها مسخرة بعضها لبعض؛ جلبا للمنفعة ودفعا للخطر.
واستطرد البغل زعيم البهائم ليقول: أيها الملك، كنا وكان آباؤنا سكان الأرض قبل خلق آدم أبي البشر، قاطنين في أرجائها، تذهب وتجيء كل طائفة منا في بلاد الله طلبا للعيش، كل منا مقبل على شأنه في مكان يوافق مآربه من برية أو أجمة أو جبل أو ساحل أو تلال أو غياض أو رمال، آمنين في أوطاننا، معافين في أبداننا، ومضت على ذلك الدهور والأزمان، حتى جاء بنو آدم، وانتشروا في الأرض، برا وبحرا وسهلا وجبلا، وضيقوا علينا الأماكن والأوطان، وأخذوا منا من أخذوا أسيرا، من الغنم والبقر والخيل والبغال والحمير، وسخروها واستخدموها وأتعبوها بالكد والعناء في الأعمال الشاقة؛ من الحمل والركوب والشد في الدواليب والطواحين، بالقهر والضرب والهوان وألوان العذاب، فهرب منا من هرب في البراري والقفار، فشدوه بالغل والقيد، والقنص والذبح والسلخ، وشق الأجواف وقطع المفاصل، ونتف الريش وجز الشعر والوبر، ثم نار الوقد والطبخ والتشويه ، وأنواع من العذاب لا يبلغ الوصف كنهها.
فسأل الملك زعماء الإنس (بعد أن حصن نفسه بأعوانه وجنده من قبائل الجن): ماذا أنتم قائلون فيما تحكي هذه البهائم والأنعام من جور وعدوان؟
قال زعيم الإنس: إن لنا حججا عقلية تؤيد حقنا على هذه البهائم في أن تكون عبيدا لنا، نتحكم فيها تحكم الأرباب، من ذلك ما أنعم الله به علينا من صورة حسنة، وهيكل قويم، وحواس مدركة، ونفس ذكية، وعقل راجح.
فسأل الملك زعيم البهائم ماذا يقول في ذلك، فأجاب: إن الله جل ثناؤه ما خلقهم على تلك الصورة لتدل على أنهم أرباب، ولا خلقنا على هذه الصورة لتدل على أننا عبيد، لكنه تعالى فعل ذلك لعلمه أن تلك البنية أصلح لهم، وهذه أصلح لنا، وبيان ذلك أن بني آدم عراة، بلا ريش على أبدانهم، ولا وبر ولا صوف على جلودهم، يقيهم الحر والبرد، ولما كانت أرزاقهم من ثمر الأشجار، ودثارهم من أوراقها، وكانت الأشجار منتصبة في جو الهواء؛ خلقت قاماتهم منتصبة ليسهل عليهم تناول الثمر والورق منها، وأما نحن، فلأن أرزاقنا من حشيش الأرض؛ فقد جعلت أبداننا منحنية ليسهل علينا تناولها، وإذن فلا أحسن ولا أردأ في هذا الاختلاف بيننا وبينهم، بل هي طبيعة العيش في كلتا الحالتين وما تقتضيه.
فقال ملك الجن لزعيم البهائم: لكن ماذا تقول في قول الله عز وجل:
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ؟
अज्ञात पृष्ठ