" لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتى سبقت غضبى "
ثم رأيته للبخارى أيضا، وروى الترمذى عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما خلق الله تعالى الخلق كتب كتابا عنده بيده على نفسه: إن رحمتى تغلب غضبى "
وفى ابن مردويه روى أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم
" أن الله تعالى كتب كتابا لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض فوضعه تحت عرشه فيه: رحمتى سبقت غضبى "
ومعنى كتبه بيده: كتبه بقدرته، والمراد التكوين وأنه لم يكتبه ملك، ومعنى سبق رحمته كمالها على الغضب وقوتها. وقال سلمان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماوات والأرض، فجعل منها رحمة في الأرض فبها تعطف الوالدة على ولدها والطير والوحش بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها لهذه الرحمة "
، رواه مسلم. قال عبد الله بن عمرو بن العاص أن لله تعالى مائة رحمة أهبط منها رحمة واحدة إلى أهل الدنيا يتراحم بها الجن والإنس وطير السماء وحيتان الماء، ودواب الأرض وهوامها وما بين الهواء، واختزن عنده تسعا وتسعين رحمة حتى إذا كان يوم القيامة حولها إلى ما عنده فجعلها فى قلوب أهل الجنة وعلى أهل الجنة { ليجمعنكم } أيها الناس كلكم، وقيل أيها المشركون، كما أن الكلام فيهم { إلى يوم القيامة } فيجازيكم، أى والله ليجمعنكم، أو جواب لقوله كتب على نفسه الرحمة، لأن معناه التأكيد، والتأكيد قسم، وعلى هذا فلا يقدر والله، ويجوز أن يقدر والله ليجمعنكم بدلا من الرحمة بدل بعض، ولا يحتاج لربط لأنه جملة، أو كل، وعليه فتكون الرحمة إمهال أهل الشرك وإمدادهم بالرزق عن معاجلة العذاب قبل يوم القيامة. إنه لو شاء لبعثهم قبل يوم القيامة وأدخلهم النار، ولو شاء لعجل العذاب فى الدنيا ولعلهم يتوبون كقوله { كتب ربكم على نفسه الرحمة } إنه من عمل الآية إلا أن المتبادر من الرحمة أن لا تحمل ذلك الإمهال خاصة، وإن جعلناها رحمة الآخرة للكفرة قدرنا إن أسلمتم، وفيه تعسف، والكلام وعيد على الإشراك وإهمال النظر، وذكر للرحمة بالإمهال كما رأيت، ومعنى الجمع إلى يوم القيامة الجمع لهم فى القبور وما ينزل منزلتها، أى لا يزال يجمعهم إلى يوم القيامة، فإذا جاء وقت القيامة بعثهم فلم يتكلم على البعث إلا بذكر القيامة، أو معنى جمعهم إلى حساب يوم القيامة، أو معناه إنهاؤهم وإبلاغهم فيها إلى ذلك الوقت، أو إلى بمعنى فى، أى يجمعهم فى يوم القيامة، ولا بأس بتفسير حرف بمعنى حرف آخر لداع ولو كان ذلك المعنى غير مقيس فيه، أو المعنى يجمعهم لأجل ذلك اليوم، كظاهر قوله تعالى
جامع الناس ليوم
[آل عمران: 9] إلخ... والجملة حال مؤكدة من اليوم، والضمير لليوم، أو نعت لمصدر محذوف، عاد إليه الضمير، أى جمعا لا ريب فيه { لا ريب فيه } أى لا شبهة فيه، ولو جحد من جحد مع علمه، وشك من شك، والهاء للجمع المعلوم من يجمع أو ليوم القيامة { الذين خسروا أنفسهم } أجسامهم، وخسرانها أن تكون فى النار وفى العذاب قبل النار أيضا، وذلك بتضييع الإسلام الذى ولدوا عليه، وإهمال العقل عن النظر، أى ذم الله الذين خسروا أنفسهم، أو هم الذين خسروا أنفسهم، أى هؤلاء القائلون
अज्ञात पृष्ठ