317

तावीलात

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

शैलियों

[ق: 18]، والسائرين: من لا نعيم في محل ولا ينزل في منزل فهو يسافر من عالم الصورة إلى عالم المعنى، من مضيق الأجساد إلى متسع الأرواح، وهم صنفان: صنف سيار، وصنف طيار، فالسائر: من يسير يقتدي الشرع والعقل على جادة الطريقة، والطيار: من يطير بجناحي العتيق والهمة في قضاء الحقيقة ورجليه خلخال الشريعة والطريقة.

والإشارة في قوله تعالى: { وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا } [البقرة: 283]، إلى السيار الذي تخلص من سجن الجسد وقيد الحواس ورحمة التوكيل، فلم يوجد له كاتبا يكتب عليه قال بعضهم: ما كتب علي صاحب الشمال منذ عشرين سنة، وقال بعضهم: كاشف لي اليمين، وقال لي: أملي علي شيئا من معاملات قلبك لأكتبه، فإني أريد أن أتقرب إلى الله، قال: فقلت له: حسبك الفرائض، فالحبس والقيد والتوكيل لمن لم يرد حق صاحب الحق، أو يكون هاربا منه فيحبس ويقيد ويوكل عليه، فأما الذي آناء والليل وأطراف النهار ويغدو أو يروح في طلب غريمه، وما يبرح في حريمه فلا يحتاج إلى التوكيل والتقييد، فالذي هو كل على الهارب يكون للطالب وكيلا وحفيظا

له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله

[الرعد: 11]، فافهم جدا.

فيما يكتب على السائرين إلى الله كاتبهم ولهم رهان مقبوضة عند الله، رهان وأي رهان، فأرهان قلوب ليس فيها غير الله، وقبض وأي قبض، فمقبوضة بين أصبعين من أصابع الرحمان، فالإشارة في قوله تعالى: { ولم تجدوا كاتبا فرهن مقبوضة } [البقرة: 283]، إلى اليسار الذي له قلب فرهنه، فأما الطيار الذي هو عاشق مفقود القلب، مسلوب العقل، مجذوب السير، فلا يطالب بالرهن فإنه مبطوش يبطشه الشديد.

مستهام ضاق مذهبه

في هوى من عز مطلبه

كل أمري في الهوى عجب

وخلاصي منه أعجبه

وإنما يحتاج إلى الرهن المتهم بالخيانة لا المتعين للأمانة، فلم يوجد في السماوات والأرض ولا في الدنيا والآخرة أمين يؤتمن الحمل أعباء أمانته؛ إلا العاشق المسكين، فإنها لم عرضت على الخليقة فنظر إليها الجلي من ليس بعاشق أشفق منها وحار فيها وأبى إن يحملها، والعاشق المسكين لما نظر إلى فراش تلك الشمعة تعشق بها وطار فيها، وأتى أن يحملها واستحسن منه ما تفرد به من أصحابه زيدت له من الحضرة ألقاب، فإنه قد نسب في البداية إلى

अज्ञात पृष्ठ