يعني أنه يجوز للشاهد أن يشهد بإقرار من سمعه يقر على نفسه بما يلزمه سواء كان # مالا أو آيلا إليه أو غيرهما مما يوجب حقا للغير وإن كان المقر لم يشهده بذلك لكن بشرط أن يستوعب الشاهد كلام المقر من أوله إلى آخره لأنه قد يكون قبله أو بعده كلام يبطله قال صاحب المفيد وبه العمل وإليه أشار الناظم بقوله وذا المختار وقال اليزناسني في الإقرار وهو أقوى من البينة على المقر لقوله صلى الله عليه وسلم أحق ما يؤاخذ به المرء إقراره على نفسه. ومقابل القول المختار أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا أن يقول له المقر اشهد علي بما قلته ومن ذلك مسئلة الشاهد المختفي التي يمثل بها الحرص على التحمل كما مر قريبا في الموانع وصورتها إنسان له حق على آخر لا يقر له بحقه إلا خاليا عن الناس فيعد صاحب الحق إلى من يشهد عليه ويجعله في موضع لا يرى فيه ثم يستدعي من عليه الحق إلى ذلك الموضع ويتكلم معه في ذلك فإن أقر بالحق واستوعب الشاهد جميع ما وقع بينهما في النازلة فيجوز له أن يشهد عليه على المشهور المعمول به بشرط أن يكون المشهود عليه غير مخدوع ولا ضعيف أبله ولا خائف وإلا فلا تجوز الشهادة عليه فإن ادعى بعد الشهادة عليه أنه ما أقر إلا لكونه خائفا أو مخدوعا فعليه اليمين فإن نكل ثبت إقراره وإن أنكر الإقرار رأسا ثبت عليه الحق بعد الإعذار إليه فيمن شهد عليه وإنما جاز هذا محافظة على ضياع الحق إذ تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور. ومثل الإقرار الذي ذكره الناظم لإنشاء فمن كتب بخط يده من حبس أو صدقة أو ضمان أو قاله بلسانه فإنه يلزمه ولو بدون إشهاد كما يأتي عند قوله وكاتب بخطه ما شاءه إلخ قال مالك رضي الله تعالى عنه وإن سمع رجل رجلا يطلق زوجته أو يقذف رجلا فليشهد بذلك وإن لم يشهده وعليه أن يخبر بذلك من له الشهادة ويشهد في الحدود بما سمع أن كان معه غيره قال شارحه وإنما يلزمه أن كان معه غيره وإلا فلا يلزمه ذلك خوف أن يقول المقذوف كذبت وإنما عرضت أنت بقذفي فيجده إذا تقرر هذا ظهر لك جليا بطلان قول التسولي أن ما كتبه الشخص من حبس أو صدقة أو ضمان أو قاله بلسانه لا يلزم إلا بالإشهاد بل الحق أنه ما قاله الصحيح في حال صحته أو # كتبه بخط يده يؤاخذ به بمجرد الإقرار به نطقا أو كتابة ولو لم يشهد عليه على أن ذلك لو كان لا يصح إلا بالإشهاد كما قال لصح فيها الرجوع قبله ولم يجبر المعطي على الإقباض قبل الإشهاد وكلا الأمرين باطل وقد صرح الخطاب في كتاب الالتزام بهذا ونصه قال في كتاب المديان من المدونة ومن ضمن لرجل ماله على ميت ثم بدا له فقد لزمه ذلك لأن المعروف كله إذا أشهد به على نفسه لزم انتهى قلت وذكر الإشهاد هن ليس شرطا في اللزوم وإنما خرج مخرج الغالب كما يظهر ذلك مما قبله ومما سيأتي والله أعلم انتهى (الثانية) قوله
(وما به قد وقعت شهادة ... وطلب العود فلا إعادة)
اشتمل هذا البيت على مسئلتين إحداهما طلب صاحب الحق من الشاهد أداء الشهادة عند القاضي والغريم حاضر معه يدعي الآداء والثانية طلب صاحب الحق من الشاهد بما في علمه أما بكتب رسم آخر أو بالآداء عند القاضي ولم يعلم ما عند الغريم لكونه لم يأت مع صاحب الحق وإنما جاء وحده (أما) الأولى فأشار بها إلى قول المتيطي قال أبو عمر في كافيه وإذا كتب الشاهد شهادته في ذكر الحق وطولب بها وزعم المشهود عليه أنه قد ودى وذلك الحق لم يشهد الشاهد حتى يؤتى بالكتاب الذي فيه شهادته بخطه لأن الذي عليه أكثر الناس أخذ الوثائق إذ أدوا الديون انتهى وقد نظمها الزقاق فقال
وإن غاب رسم لا تؤدي أن ادعى ... غريم أداء لكن أن حضر انجلا
पृष्ठ 86