يعني أنه لا يجوز للأب أن يشهد لابنه ولا الابن لأبيه ولا الرجل لابن زوجته ولا الرجل لزوج أمه ولا الرجل لوالدي زوجته أو لزوجة أيه وكذا لا تجوز شهادة البنت لأبيها ولا هو لها ولا الأم لولدها ذكرا كان أو أنثى ولا هو لها ولا بنت الزوجة # لزوج أمها ولا هو لها ولا المراة لزوجة أبيها ولا هي له ولا لزوج البنت بالنسبة لوالديها فلا يشهدان له ولا الزوج لزوجته ولا هي له ولا المرأة لوالدي زوجها ولا هما لها إلى غير ذلك من الأصول وإن علت والفروع وإن نزلت والأصهار والأخوال (والحاصل) أن الشهادة مهمى غلب عليها حال التهمة وقويت الظنة فإنها لا تجوز وترد كالعدو يشهد على عدوه في أمر دنيوي من مال أو جاه أو خصام في أمر جسيم يكون في مثله الشحناء ويوغر الصدور أما ما كان كثمن الثوب ونحوه فإنه لا يضر قال ابن القاسم لا تجوز شهادة الرجل على ابن عدوه ولو كان ابن شريح اه وكذا لا تجوز شهادة الظنين وهو المتهم لمن يشهد له كالوصي لمن يلي عليه ولا رب الدين لغريمه المعسر لأنه يجريها لنفسه نفعا حيث كانت في مال ولا هو له لأنه يتهم أن ذلك لأن يؤخره ويلحق بذلك تزكية كل واحد لمن شهد لمن يتهم له أو تزكية من شهد على من يتهم عليه ولا غير المنتصبين للشهادة مع وجود المنتصبين لها في الأمور المهمة التي يقصد بها أعيان الشهود في العادة كالبيع والابتياع والنكاح والطلاق والشفعة وإسقاطها والقبض والأبراء والوكالة والضمان والحبس والصدقة والهبة والوصية والإجارة والمغارسة ونحوها إذا كان ذلك بالقصد والاستدعاء أما إذا سمعوا شيئا من ذلك في موطن بدون قصد ولا استدعاء فإنها شهادة جائزة عاملة (وفي لب اللباب) أن المانع للشهادة قسمان قسم يمنع من القبول مطلقا وقسم يمنع على جهة فالأول كل وصف مناف للعدالة والمروءة أولهما كالفسق وسماع القيان والثاني ما يمنع على جهة ونعني بذلك أن يمنع من القبول مع بقاء العدالة وهو نوعان الأول التغفل والثاني الاتهام وله ستة أبواب (الأول) أن يجر لنفسه منفعة كان يشهد رب الدين لمديانة المعسر بمال على خلاف فيه كما في التوضيح أو يشهد على مورثه الغني المحصن بالزنى أو بالقتل عمدا أو يدفع عنها مضرة كشهادة العاقلة بفسق شهود القتل خطأ (الثاني) تأكيد الشفقة بالنسب والسبب كالأبوة والبنوة والإصهار والأخوال كذلك (الثالث) العداوة في أمر دنيوي من مال أو جاه أو منصب لا ديني (الرابع) الحرص # على زوال العار وله صورتان الأولى أن تركت شهادته بفسق ثم يصير عدلا فيشهد بها فإنها ترد لتهمته على دفع عار الكذب الثانية التاسي كشهادة المقذوف في القذف (الخامس) الحرص على الشهادة في التحمل والآداء والقبول أما التحمل فالمختفي على أحد قولين والمشهور أن ذلك لا يضر وأما الحرص على الأداء فمثل أن يبدأ بالشهادة قبل أن يطلبه صاحبها بها إلا إذا كانت مما يستدام فيه التجريم فإنه يجب عليه الرفع كالطلاق والعتق والعفو عن القصاص وأما الحرص على القبول فمثل أن يشهد شهادة ويحلف على صحتها (السادس) الاستبعاد والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم لا تقبل شهادة البدوي على القوري. وحمله مالك على الأموال والحقول دون الدماء والجراح وما في معناه وحيث يطلب الخلوات والبعد من العدول انتهى. وفي ابن مرزوق عند قول الشيخ خليل ولا أن استبعد كبدوي لحضري بخلاف أن سمعه أو مر به بعد كلام طويل ما نصه شهادة البدوي بين الحضريين جائزة في نحو القذف والجراح والقتل مما لا يقصد فيه الإشهاد وتجوز في المال والنكاح وغيرهما إذا لم يستشهد وقال مررت بهما أو كنت في موضع فسمعته أقر له بكذا أو باع منه سلعة أو جرت منازعة في النكاح فاعترف أحدهما بالعقد ولا يجوز فيما يقصد فيه الاستعداد من نحو الوثائق والصدقات لأنه ريبة أن يترك أخذ خطوط أهل الموضع والاستعداد بشهادتهم إلا أن يعلم أنه مخالط لهم أو يكون جميعهم في سفر وكذا شهادته بين حضري وبدوي لا تجوز إلا كما تقدم بين الحضريين إلا أن يكون البدوي بقرية الشاهد فيشهد بمداينة كانت في قربته أو في الحاضرة إذا كان معروفا بالعدالة أو ممن يعول في المدينة على مثله قاله اللخمي. وفي البيان قال ابن وهب رأى قوم أن شهادة الحضري على البدوي لا تجوز وأن أرى جوازها إلا أن يدخلها من الظنة ما دخل شهادة البدوي على الحضري فلا تجوز انتهى (تتمة) كل من لا تجوز الشهادة له تجوز الشهادة عليه أن لم تكن تهمة كما مر ولا تكون شهادة الابن على الأبوين مانعة من برهما بل من برهما أن يشهد عليهما بالحق ويخلصهما من الباطل وهو من قوله تعالى {قوا # أنفسكم وأهليكم نارا} في بعض معانيه وكل من لا تجوز الشهادة عليه تجوز الشهادة له (لطيفة) فإن قلت عدل لا تجوز شهادته على أحد من الناس كافة وليس فيه مانع من قرابة أو عداوة ولا جرحة في دينه قلت هو العدل المولى عليه قاله ابن القاسم وبه العمل وقال أشهب تجوز شهادته إذا كان عدلا انتهى من ألغاز ابن فرحون وقد تقدم هذا في شروط الشاهد وقوله
(وساغ أن يشهد الابن في محل ... مع أبيه وبه جرى العمل)
يعني أنه يجوز للابن أن ينتصب للشهادة مع أبيه ويشهدان على أمر واحد كأنهما أجنبيان على القول الذي جرى به العمل وعليه أهل تونس الآن. وفي اختصار المتيطية وإذا شهد والد وولده وهما عدلان فشهادتهما شهادة واحدة وبه جرى العمل وقيل هما بمنزلة شاهدين. وفي المختصر وشهادة ابن مع أب واحدة (قلت) والأحوط في هذا الزمان العمل بما في المتيطي وقد قواه ونص على العمل به واقتصر عليه الشيخ خليل لقوة التهمة وقلة العدالة وهو أمر ظاهر لا خفاء فيه وما توفيقي إلا بالله (ثم) أن الناظم رحمه الله تعالى استشعر سؤال سائل قال له هل الشروط والموانع المذكورة في جانب الشاهد تعتبر زمن تحمل الشهادة وسماعها أو تعتبر زمن أدائها فأجاب عن ذلك (بقوله)
(وزمن الأداء لا التحمل ... صح اعتباره لمقتض جلي)
تقدمت الإشارة إلى هذا البيت أول الباب. وقوله لمقتض جلي أي ظاهر وبيان ذلك أن الشهادة إنما تظهر فائدتها ويعمل بمقتضاها بالأداء فإن لم تؤد في كالعدم فمن تحمل شهادة ولو عقد نكاح كما مر وهو كافر أو فاسق أو عبد أو صبي أو زوج أو وصي وأداها وهو مسلم أو عدل أو حر أو بالغ أو مفارق للزوجية أو متأخر عن الإيصاء إلى غير ذلك فإن شهادته جائزة مقبولة شرعا ما لم يشهد واحد منهم قبل زوال المانع فردت شهادته لذلك أما إذا شهد قبل زواله فردت شهادته له فإن شهادته بعد زواله في تلك النازلة ترد ولا تقبل للتهمة كما تقدم في الحرص على القبول
पृष्ठ 83