الأبيات الستة قاعدتان (الأولى) هل الناس عند جهل حالهم محمولون على العدالة أو على الجرحة وهو مذهبنا خلاف (الثانية) هل العدالة حق الله تعالى يجب على الحاكم أن لا يحكم حتى يحققها وعليه أكثر أهل العلم أو حق للخصم فإن طلبها فحص الحاكم عنها وإلا فلا خلاف إذا تقرر هذا علمت الفروع التي ذكرها الناظم هنا على ي شيء بنيت (وحاصل) ما ذكره في هاته الأبيات هو أن الشاهد العدل المبرز وهو الفائق في العدالة لا يحتاج فيه إلى تعديل لأن تعديله يؤدي إلى تحصيل الحاصل أو إلى التسلسل وكل منهما محال وأن المشهود عليه إذا طلب الطعن فيه بكل قادح فإنه لا يمكن منه لأن الواقع يكذبه فدعواه لا تسمح وإنما له أن يقدح فيه بالعداوة الدنياوية الواضحة كالخصومة والهجرة الطويلة لا العداوة الدينية فإنها لا تضر وصاحبها مأجور ولهذا جازت شهادة المسلم على الكافر كما تقدم لأنها عداوة عامة وهي لا تؤثر فإن وقعت بينهما عداوة دنيوية فإن شهادته عليه لا تجوز ومثل العداوة الواضحة القرابة الأكيدة كما يأتي في موانع الشهادة. والشاهد العدل إذا كان غير مبرز فلا يحتاج فيه إلى تعديل كذلك غير أنه يجرح فيه بالعداوة الواضحة والقرابة الأكيدة وغيرهما من كل ما يستقبح كشرب وسرقة وغصب وكذب وترك الصلاة ونحوها من أنواع التجريح أن طلب الخصم ذلك. والشاهد الذي تظهر عليه علامة الخير والدين بشهود الصلوات في المساجد ولا يعرف بأمر قبيح ولم تتحقق عدالته فلا بد من تزكيته ولا تقبل شهادته بدونها لحمل الناس على الجرحة لا على العدالة إلا # في السفر فتقبل للضرورة. والشاهد الذي يعكس حال هذا وهو من ظهر عليه وسم الشر ولم يتحقق فسقه فلا تقبل شهادته حتى يزكى ولو في سفر فهو بالنسبة لما قبله من باب أولى. والشاهد الذي أعلن بالفسوق والفجور فلا تقبل شهادته ولو علم الحاكم بصدقه كما تقدم لأن العدالة حق الله تعالى فلا يجوز إسقاطها ولا يصح تعديله لأن الواقع يكذبه. والشاهد الذي يكون مجهول الحال بأن لم يظهر عليه ما يدل على الخير ولا ما يدل على الشر فلا بد من تزكيته كذلك ولو في سفر ولا تقبل شهادته بدونها. وحيث توقف قبول شهادة المذكورين في الفروع الثلاثة على التزكية فإن شهادتهم لا تلغى قبلها بحيث لا توجب شيئا بل توجب شبهة في كون المدعى فيه للمدعي وإلى هذا أشار بقوله وشبهة توجب فيما ادعيا فإذا شهد اثنان بحق وكانا ممن لا يحكم بشهادتهما إلا بعد التزكية عقل ذلك الشيء المدعى فيه كما يأتي إلى أن تثبت التزكية فيحكم بها أو يعجز عنها فتضمحل الشبهة باضمحلال الشهادة فترفع العقلة. وقوله شبهة بالنصب مفعول توجب وفاعله ضمير يعود على الشهادة وألف زكيا وادعيا للإطلاق قوله
(ومطلقا معروف عين عدلا ... والعكس حاضرا وإن غاب فلا)
पृष्ठ 75