يعني أن العمل في زمن الناظم جرى على قبول خطاب القضاة بعضهم لبعض بقوله أعلم بصحة الرسم المقيد فوق هذا أو محوله على ما يجب الشيخ أبا فلان فلان بن فلان القاضي ببلد كذا أدام الله رعايته فقير ربه فلان بن فلان القاضي ببلد كذا والسلام عليكم ثم يؤرخ وإنما قدموا في التخاطب مفعول اعلم بصيغة الماضي الذي هو اسم المكتوب إليه على الفاعل الذي هو اسم الكاتب تعظيما وتأدبا وله أن لا يسمي قاضيا بعينه فيكتب إثر الرسم الحمد لله اديا فقبلا وأعلم به فلان بن فلان القاضي بكذا أو أديا فثبت وأعلم به أو أعلم بصحته أو باستقلاله فلان بن فلان القاضي بكذا وذلك بعد أن حضر عنده شاهدا الوثيقة وأخبراه باللفظ بأن هذه شهادتهما وإلا فلا يجوز له ذلك في غيبتهما وضمير اديا يعود على شاهدي الوثيقة. وحيث لم يعين قاضيا بعينه فيعمل به جميعهم بخلاف ما إذا عين قاضيا بعينه قال الإمام ابن عرفة الذي استقر عليه عمل القضاة بإفريقية عدم تسمية القاضي المكتوب إليه. وقال الشيخ أحمد بن سلامة في حاشيته على التاودي الذي عليه عملنا بتونس أن كل رسم يصدر من القضاة لا يتم إلا إذا كان مختوما بالطابع وجد فيه خط القضاة أم لا ثم أنه إذا وصل الخطاب إلى القاضي المكتوب إليه أو من ولي بعده صرف نظره فيما ثبت عند القاضي الكاتب فإن كتب ثبوت شهادتهم فقط لم يأمر بإعادة شهادتهم ونظر في # تعديلهم وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم أعذر للمشهود عليه فيهم وإن كتب أنه أعذر إليهم فيهم فعجز عن المدفع أمضى الحكم عليه. وقوله وليس يغنى البيت يعني أن القاضي إذا كتب تحت الرسم اكتفى أو استقل أو صح أو ثبت ونحوها إشارة إلى حصول نصار الشهادة أو صحتها فيكتفى بالرسم عن زيادة الشهود مثلا ليكون تذكرة له بعد وإخبارا للمشهود له بأنه يكفيه عن الزيادة أو غيرها فليست تلك الألفاظ تغنيه عن الخطاب بأعلم وإنما تغنيه عن الزيادة في الرسم فقط إلا إذا زاد بعد اكتفى ونحوه أعلم به أو أعلم باستقلاله وإلا فلا يجوز لقاض آخر أن يمضيه اعتمادا على اكتفى ونحوه لأنه لم يخاطبه. وقوله وإنما الخطاب مثل اعلما البيت كرره مع البيت الأول ليفيد أن الخطاب في زمنه محصور في اعلم المقتضى معلما به بفتح اللام وهو الرسم وعليه يعود ضمير به ومعلما بفتح اللام أيضا وهو القاضي المكتوب إليه ويجوز الكسر فيكون هو القاضي الكاتب وعلى كل حال فاعلم يستلزم معلما بكسر اللام وهو الكاتب ومعلما بفتحها وهو المكتوب إليه ومعلما به وهو الرسم الذي وقع فيه الإعلام فإذا جرى عرف بين القضاة في الخطاب بلفظ آخر كأخبر أو بالعلامة كما تقدم وجب العمل به وإلى هذا أشار الناظم بقوله مثل اعلما وألفه للاطلاق لا بخصوص لفظ اعلم فإذا ثبت خطاب القاضي بما وقع عليه الاصطلاح أما بمعرفة خطه أو بمعرفة علامته وختمه أو التعريف به ولو بعدل واحد كتب عليه أعملته (فائدة) وفي حاشية الشيخ الشريف العمراني أن ما يكتبه القضاة أسفل الرسم من قولهم اعلم بصحته هل هو حكم أو يجري فيه ما جرى في الثبوت من الفرق بينه وبين الحكم وهو الظاهر خلاف انتهى قال القرافي اختلف في الحكم والثبوت هل هما بمعنى واحد أو الثبوت غير الحكم لأنه يوجد في العبادات والمواطن التي لا حكم فيها إجماعا فيثبت الهلال وتثبت طهارة الماء ويثبت عند الحاكم التحريم بين الزوجين بالرضاع والتحليل بسبب العقد ومع ذلك لا يكون شيء من ذلك حكما وأنه يجب تقديمه على الحكم ومن قال الحكم هو الثبوت لم يتحقق له معنى ما هو الحكم (قال) # ابن الشاط ما قاله صحيح وقد يطلق على الثبوت حكم فالأمر في ذلك لفظي والله أعلم قوله
(وإن يمت مخاطب أو عزلا ... رد خطابه سوى ما سجلا)
(واعتمد القبول بعض من مضى ... ومعلم يخلفه والي القضا)
(والحكم العدل على قضائه ... خطابه لا بد من إمضائه)
पृष्ठ 56