بدأ الناظم رحمه الله تعالى كتابه بحمد الله اقتداء بالكتاب العزيز في فاتحة الكتاب على القول بان البسملة ليست آية منها وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو اقطع وفي رواية بحمد الله وفي روايه بالحمد فهو أقطع وفي رواية كل كلام لا يبدأ فيه بحمد لله فهو أجذم وفي روايه كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو اقطع وفي الفواكه الدواني على رسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني لا تعارض بين هاته الروايات لأن المقيد منها يحمل على المطلق في كل لفظ ابتدئ به منها يحصل المقصود لأن الغرض الثناء على الله وهو يحصل بمطلق ذكر ولا يقال القاعدة عكس هذا الحمل لأن المعروف عند الأصوليين حمل المطق على المقيد كما في آيتي الظهار والقتل فانهم حملوا الرقبه المطلقة في الظهار على المقيدة في كفارة القتل بالمؤمنة لأن نقول قاعدة الأصوليين مشروطة بكون القيد واحدا واما إذا تعددت القيود وتخالفت فيرجع للمنطق أو يحمل حديث البسملة على المبدأ الحقيقي وهو جعل الشيء أول عمل يعمل بحيث لم يسبقه شيء وحديث الحمدلة على الاضافي وهو الذي يكون أمام المقصود بالذات أو أن الغرض من الروايات تخيير البادئ في العمل برواية منها لأن الخبرين إذا تعارضا ولم يعلم سبق ولا نسخ فإنه يخير في العمل بإحداهما على رأي بعض أهل العلم كما في الأصول انتهى. فإن قيل لما لم يبدأ مالك رضي الله عنه في موطاه بحمد الله تعالى كما جاء في الحديث وهو في الحديث ماهر فما وجه تركه لذلك. أجيب بما أن الذي يقتضيه الحديث أن يحمد لا أن يكتب ولا خفاء في أن مالكا رحمه الله حمد الله بلسانه فإن الحديث مشهور فيبعد خفاؤه عليه أو أن لفظة الحمد ليست متعينة لتسميته حمدا لقولهم الحمد هو الثناء وقد أثنى على الله تعالى في كتابه الموطأ فقال بسم الله الرحمن الرحيم # قالوا والتسمية من أبلغ الثناء ويؤيد هذا مجيئه في رواية كما تقدم. وقوله ذي بال أي صاحب شأن وحال يهتم به ومعني اقطع أو إجذم ناقص ومن المعلوم أن الشيء الناقص لا يهتم به ولا يعتبر لأنه قليل البركة ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى تستحب البداءة بالحمد لله والصلاة على النبي صلي الله علية وسلم لكل مصنف ومدرس وخطيب وخاطب ومتزوج ومزوج وسائر الأمور المهمة وأن تقديم الثناء على الله تعالى بمنزلة هدية المستشفع قبل مسألته رجاء أن ينتفع بذلك في قضاء حاجته. ومعنى الحمد الثناء على المحمود بجميل صفاته وأفعاله ولام الله للاستحقاق أي جميع المحامد مستحق لله تعالى ومعنى الله هو المعبود بحق. قال بعض العلماء يجب علي الإنسان أن يحمد الله في ثمانية أوجه. الأول أن أوجده من العدم. الثاني أن خلقه حيوانا ولم يخلقه جمادا. الثالث أن خلقه ناطقا ولم يخلقه غير ناطق. الرابع أن خلقة ذكرا ولم يخلقه أنثى. الخامس أن خلقه مسلما ولم يخلقه كافرا. السادس أن جعله سنيا ولم يجعله بدعيا. السابع أن جعله من أهل العلم ولم يجعله من أهل الجهل. الثامن أن وفقه لمعرفة هذا الرب ولم يضلله. وزيد عليها نعم نيل اللذات. وسلامة الحواس. وما ينتفعون به مما تميل إلية طباعهم وتصلح عليه أجسامهم وغير ذلك من النعم التي لا تحصي كثرة ومن حصرها في الثمانية فلعله أراد المهم من ذلك والله أعلم. وقول الناظم (الذي يقضي ولا يقضى علية جل شأنا وعلا) وصف كمال وعظمة الله تعالي يجب علي كل مكلف اعتقاده ومعناه أنه سبحانه وتعالى يحكم ولا يحكم عليه جل شأنه وعظم أمره وعلي قدره لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وفي البيت إشارة لطيفة إلي كون القاضي لما كان مقضيا عليه من الله سبحانه وتعالي ومن السلطان الذي والاه يجب عليه أن يستشعر بذلك الخوف من عاقبة الجور والظلم والحكم بالظن ويتحرى الصواب للعدل قال العلامة الجليل النوازلي الشيخ الزقاق في المنظومة الفرعية ما نصه
पृष्ठ 11