तत्बित अल-इमामत
تثبيت الامامة
[أصناف الخلق]
ثم جعل الحيوان ضروبا، وجعل أغذيته شعوبا، فمنهم الناس المغتذون بطيب الأغذية، ومنهم الطير والدوآب وفنون الأشياء الحية، المكتفية بأثفال الغذاء، وتيسير مؤونة الاغتذاء، فبنى الناس على خلاف بنية المسخر لهم من الحيوان، وبانوا منهم بفضيلة الفكر ونطق البيان، فدبروا أغذية معائشهم بالفضيلة، واستعانوا في ذلك بتصرف الحيلة، وكفي ذلك غيرهم من الحيوان، ولولا ذلك لما بقوا ساعة من زمان.
فكل مذكور من أجناس البهائم، المسخرة لمنافع بني آدم، فمبني على النقص مما ذكرنا من فضيلتهم، عاجز عما جعل الله لهم من متصرف حيلتهم.
وكذلك كان بنوا آدم في بدي مولدهم، في عجزهم عن نيل منافع غذآئهم ورشدهم، وجهلهم لمصلحهم في الأمور من مفسدهم، فلو كان الناس - إذ ابتدئوا، عندما فطروا وأنشئوا، لم يجعل لهم ولا فيهم، من يغذوهم ويقوم عليهم - لهلكوا ولم يبقوا وقت يوم واحد، لما يحتاجون إليه في النفاس وعند المولد، من تلفيف الولدان بخرقها، وتسوية أعضاء خلقها، ولكن الله تبارك وتعالى جعل لهم في الابتداء، آباء قاموا بكفاية المصلحة والغذاء، حدهم في العلم بمصلحتهم غير حدهم، فغذوهم برأفة الأبوة وبصر التربية في مولدهم، إلى بلوغ قوة الرجال، والاستغناء بنهاية الكمال.
पृष्ठ 67