وقوله: إن الله نسب إخراج الكفار من النور إلى الظلمات إلى الطاغوت وهي الأصنام.
فأخطأ في قوله إن المراد بالطاغوت هنا الأصنام، وأكثر المفسرين يقولون المراد بالطاغوت هنا الشياطين، وقيل المراد كعب بن الأشرف وأشباهه من علماء اليهود، ولم نر من فسر الطاغوت هنا بالأصنام، ولهذا قال: ﴿يخرجونهم﴾ فأتى بضمير العقلاء.
فلو ذهبنا نتتبع خطأه وتخبيطه في نحو ذلك لطال الكلام.
وذكر قول الشاعر: منع البقاء تقلب الشمس. وقولهم: أنبت الربيع البقل.
ومن استدل بنحو ذلك على جواز الاستغاثة بالنبي ﷺ وغيره من الأموات والغائبين بطلب الحاجات منهم، ثم طلب الإنقاذ من عذاب يوم القيامة وشدائده فقد أتى بما ينكره العامي السليم الفطرة ولكن الهوي يعمي ويصم.
ونحن لا ننكر إضافة الأشياء إلى أسبابها ولكن الله سبحانه هو خالق الأسباب والمسببات ولا يلزم من ذلك أن نعتمد على الأسباب فضلا عن أن نسألها ونرغب إليها وهي
مخلوقة، بل يتعين على العباد أن يعتمدوا على خالق الأسباب ويرغبوا إليه ويستعينوا به ويعبدوه وحده ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ .
وقال شيخ الإسلام تقي الدين في أثناء كلام له: إن إثبات المخلوقات أسبابا لا يقدح في توحيد الربوبية، ولا يمنع أن يكون الله خالق كل شيء ولا يوجب أن يدعى المخلوق دعاء عبادة أو دعاء استعانة. انتهى، وقد تقدم.
وهذا المبطل يقول إذا كان الله قد جعل النبي سببا للإنقاذ من النار من أراد الله هدايته جاز أن يطلب الإنقاذ من النار منه ﷺ فطرد هذا الأصل الباطل أن يجوز ذلك في جميع الأسباب، وقد قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ
1 / 60