على إنقاذ أمته من العذاب في ذلك اليوم، وإنه يقدر على ما كان يقدر عليه في الدنيا، وإنه يتصرف في ذلك اليوم هو وغيره كما كانوا في الدنيا، فيعرض كلامه هذا على ما ذكرنا من كلام الله وكلام رسوله ليتبين الهدى لمن أراد الله هداه.
قال المعترض: وصاحب البردة يخبر أنه إن لم يكن النبي ﷺ في معادي آخذا بيدي وإلا فقل يا زلة القدم.
فيقال له قول صاحب البردة وقولك ليس إخبارا بل هو استغاثة ١ بل من أبلغ ألفاظ الاستغاثة، كقول الأبوين ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف:٢٣] . وقول نوح: ﴿وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [هود:٤٧] . وقول بني إسرائيل: ﴿لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف:١٤٩] . أترى أن الأبوين وجميع المذكورين يخبرون الله بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وأن هذا منهم مجرد إخبار، بل كل أحد يعرف أن هؤلاء الذين أخبر الله عنهم بهذا الكلام يسألون الله ويرغبون إليه في أن يغفر لهم ويرحمهم ومعترفون بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وهذا الجاهل لا يفرق ٢ بين نوعي الكلام من الإنشاء والخبر.
فالكلام عند علماء البيان نوعان: خبر وإنشاء، فالخبر ما احتمل الصدق والكذب، أي ما احتمل أن يكون قائله صادقا ويحتمل أن يكون كاذبا كقوله: جاء زيد وقدم عمرو، فهذا قول يحتمل أن يكون صدقا وأن يكون كذبا، فهذا تعريف الخبر، وما سواه يسمى إنشاء.
وأما قول صاحب البردة وقول المشطر:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به
سواك ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
_________
١ سقط " بل" من "ط" و"ب".
٢ في "ب" " لا يعرف يفرق" وفي "ط" "لا يعرف الفرق".
1 / 58