ونظر محمد بن محمد الكتاني إلى أصحاب المرقعات فقال: «إخواني! إن كان لباسكم موافقا لسرائركم فقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، وإن كان مخالفا لسرائركم فقد هلكتم ورب الكعبة».
44
وقال محمد بن عبد الحق لبعض أصحابه: «لا يعجبنك ما ترى من هذه اللبسة الظاهرة عليهم، فما زينوا الظواهر إلا بعد أن خربوا البواطن».
44
وهذا التقريع لا يوجه إلا لقوم يلبسون المرقعة بلا انقطاع؛ ولذلك كره بعض شيوخهم لبس المرقعة خوفا من طوارق الرياء ومن التعرض للسؤال،
45
ولا يكون لبس المرقعة بابا إلى الرياء إلا حين تكون علامة قاطعة على التصوف وهي لا تعرض صاحبها للصدقات إلا لدلالتها على الفقر والبؤس.
ويؤيد ذلك الملحظ ما حدث النضر بن شميل إذ قال: قلت لبعض الصوفية: تبيع جبتك الصوف؟ فقال: إذا باع الصياد شبكته فبأي شيء يصطاد؟!
46
وكانوا يرون نزع المرقعة علامة الإقبال على الدنيا، ويذكرون أن محمد بن أحمد بن موسى قدم بغداد وأقام بها مدة يتكلم بلسان الوعظ، ويشير إلى طريقة الزهد، ويلس المرقعة، ويظهر عزوف النفس عن طلب الدنيا، فافتتن به الناس لما رأوا من حسن طريقته، وكان يحضر مجلس وعظه قوم لا يحصون، ثم إنه قبل ما كان يوصل به بعد امتناع شديد كان يظهره من قبل، وحصل له ببغداد مال كثير، ونزع المرقعة ولبس الثياب الناعمة الفاخرة وجرت له أقاصيص وصار له تبع وأصحاب.
अज्ञात पृष्ठ