419

तसव्वुफ

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

शैलियों

وكان إذا ورد عليه أحد من الفقراء ولا يجد ما يطعمه باع من أثوابه ما يضيفه به، وكان يبيت ويصبح وليس له معلوم ولا ما تقع عليه العين أو تسمعه الأذن، وكان يؤثر في السر الفقراء والأرامل، ولا يسأل أحدا شيئا، ولا يقبل غالبا، وإذ قبل ما يفتح الله عليه آثر به، وكان يبذل جهده في كتم حاله والله تعالى يظهر خيره وبركته من غير قصد منه لذلك. وكان سلوكه على طريق السلف من التمسك بالكتاب والسنة والنفور عن الفتنة وترك الدعاوى واطراحها وستر حاله والتحفظ في أقواله وأفعاله، وكان لا يرافق أحدا في الليل، وأشير عليه بالزواج فتزوج في آخر عمره بامرأتين لم يدخل على واحدة منهما نهارا، ولا أكل عندها ولا شرب قط، وكان ليله ظرفا للعبادة لكنه يأتي إليهما أحيانا وينقطع أحيانا لاستغراق زمنه في القيام بوظائف العبادة وإيثار الخلوة، وكان خواص خدمه لا يعلمون صومه من فطره، وإنما يحمل إليه ما يأكل ويوضع عنده بالخلوة فلا يرى قط آكلا، وكان يتواضع مع الفقراء ويتعاظم على العظماء والأغنياء، وكانت تلاوته لللقرآن بخشوع وتدبر، ولم يعمل له سجادة قط، ولا لبس طاقية، ولا قال: أنا شيخ ولا أنا فقير، ولا حضر قط سماعا، ولا أنكر على من يحضره. وكان يقول: ما أقول لأحد: افعل أو لا تفعل، من أراد السلوك يكفيه أن ينظر إلى أفعاله فإن من لم يتسلك بنظره لا يتسلك بسمعه.

1

وقال له شخص من خواصه: يا سيدي، ادع الله لنا أن يفتح علينا فنحن فقراء. فقال: إن أردتم فتح الله فلا تبقوا في البيت شيئا ثم اطلبوا فتح الله بعد ذلك. فقد جاء: لا تسأل الله ولك خاتم من حديد. ومن كلامه:

الفقير بحال البكر، فإذا سأل زالت بكارته.

وسأله بعض خواصه أن يدعو له بسعة وشكا إليه الضيق؛ فقال: أنا ما أدعو لك بسعة بل أطلب لك الأفضل والأكمل. وكان على استغراق أوقاته في العبادة لا يغفل عن صاحبه ولا ينسى حاجته ويلازم الوفاء لأصحابه ويحسن معاشرتهم ويعرف أحوال الناس على اختلاف طبقاتهم، ويعظم أهل العلم، ويكرم الأيتام ويشفق على الضعفاء والأرامل، ويبذل شفاعته في قضاء حوائج الخاص والعام من غير أن يمل أو يتبرم بذلك، ويكثر من الإيثار في السر ولا يمسك لنفسه شيئا، ويستقل ما يعطي مع كثرة إحسانه، ويستكثر ما يدفع إليه وإن كان يسيرا ويكافئ عليه بأحسن منه، ولم يصطحب قط أميرا ولا وزيرا، ومن دعائه لنفسه ولمن يسأل له الدعاء:

اللهم بعدنا عن الدنيا وأهلها وبعدها عنا.

وما زال على ذلك إلى أن مات في صباح اليوم الثامن من ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وست مئة، وترك ولدين ليس لهما قوت ليلة، وعليه مبلغ ألفي درهم دينا.

وقد لخصنا سيرة هذا الرجل من الخطط المقريزية،

2

وهي تشهد بأنه كان من القائمين بخدمة المجتمع، وتصوره بعيدا كل البعد من الفضول.

अज्ञात पृष्ठ