والديباجة واحدة أو متقاربة، ولكن النفس يختلف اختلافا شديدا يدركه الذوق، وأخشى أن يكون تدخل ذلك السبط هو العلة في أكثر ما وقع في ديوان ابن الفارض من الإسفاف.
قلت: إن التكلف كان كثيرا في الشعر لعهد ابن الفارض، وكذلك تراه مفتونا بفنون البديع من توية وجناس وطباق، وإن لم يسرف في الشغف بتلك الفنون، وقد اتفق له مرة أن يمعن في التكلف، وذلك في قصيدته الذالية فإن قافية الذال صعبة جدا، ولا يقبل عليها الشعراء إلا متكلفين، والذي يراجع القوافي العربية يرى الشعراء لا يتخذون الذال قافية إلا في الأبيات والمقطوعات، ويراهم لا يقفون قصائدهم بالذال إلا في النادر القليل. أما ابن الفارض فقد بدا له أن يغرب، وأن يدل معاصريه على امتلاكه لناصية تلك القافية الشموس، فقال:
صد حمى ظمئي لماك لماذا
وهواك قلبي صار منه جذاذا
إن كان في تلفي رضاك صبابة
ولك البقاء وجدت فيه لذاذا
كبدي سلبت صحيحة فامنن على
رمقي بها ممنونة أفلاذا
5
يا راميا يرمي بسهم لحاظه
अज्ञात पृष्ठ